للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورجعت إلى فرنسا وزارت الملاعب التي كانت تمثل فيها، وتوفيت في الثالث من يناير سنة ١٨٥٨م والإجماع على أنها ملكت أمام التمثيل فانقاد لها طوعا ومع ما كانت من أمرها فقد أظهرت في عملها من الثبات والعزم رغما عن ضيق ذات اليد ما تقصر عنه همم الرجال، وقد قالت مرارا عديدة: "إني اتخذت الصبر والثبات دستورا بمعونة الله فوصلت إلى ما وصلت إليه".

[رابعة الاشمية]

هي زوجة أحمد بن أبي الحواري. كانت من العابدات الزاهدات، وكان فضلها لا يقدر، وكراماتها لا تنكر.

قال أحمد بن أبي الحواري: كانت رابعة لها أحوال شتى، فمرة يغلب عليها الحب، ومرة يغلب عليها الأنس، ومرة يغلب عليها الخوف، فسمعتها في حال الحب تقول:

حبيب ليس يعدله حبيب ... وما لسواه في قلبي نصيب

حبيب غاب عن بصري وشخصي ... ولكن عن فؤادي ما يغيب

وسمعتها في حال الأنس تقول:

ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي ... وأبحت جسمي من أراد جلوسي

فالجسم مني للجليس مؤانس ... وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي

وسمعتها في الخوف تقول:

وزادي قليل ما أراه مبلغي ... أللزاد أبكي أم لطول مسافتي

أتحرقني بالنار يا غاية المنى ... فأين رجائي فيك أين مخافتي

قال: فقلت لها مرة -وقد قامت بليل-: ما رأينا من يقوم الليل كله غيرك. قالت: سبحان الله مثلك يتكلم بهذا! إنما أقوم إذا نوديت. قال: فجلست على المائدة في وقت قيامها، فجعلت تذكرني فقلت لها: دعينا نتهنا بطعامنا. فقالت: ليس أنا وأنت ممن ينغص عليه الطعام عند ذكر الآخر. وقالت: لست أحبك حب الأزواج إنما أحبك حب الإخوان. وقالت لزوجها: اذهب فتزوج. قال: فذهبت فتزوجت وكانت تطعمني الطعام وتقول: اذهب لأهلك، وكانت إذا طبخت قدرا قالت: كلها يا سيدي فإنها ما نضجت إلا بالتسبيح. وبقيت على عبادتها إلى أن توفاها الله.

[رابعة ابنة الشيخ أبي بكر التجاري]

قال في كتاب "الجلاء الغامض": الست الفاضلة العارفة الكاملة زوجة السيد أحمد أم السيد صالح ست الغفقراء رابعة كانت سليمة الصدر، نقية القلب، لها معرفة جاذبة وحزن دائم ولا تأخذها في الله لومة لائم كانت سيرة جميلة وأوصاف حميدة سماها السيد أحمد: ست الفقراء وكناها أم الفقراء. ويقول: طاعتك على الفقراء واجبة، بكت بين يدي السيد أحمد مرة وقالت: كيف حالي بعدك أبقى أنا وحيدة ويغلق باب المسرة والابتهاج في وجهي؟ فقال -رضي الله عنه-: أهل المملكة يحبونك، وقولك مسموع، والنعمة عليك باقية. فإنقاذ أهل البيت الأحمدي لها مدة حياتها، وكانت تقف على ضريح زوجها وتكلمه وتنتظر الجواب منه فيأتيها شبيه الحلم بالجواب، وما أكرم أحد بعد وفاة زوجها بالولاية إلا وهي كانت عارفة

<<  <   >  >>