للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خير لكم إن كنتم مؤمنين) (الأعراف: ٨٥) ، (وما أنا عليكم بحفيظ) (الأنعام: ١٠٤) ، إذا أتاك كتابي فاحتفظ بما في يديك حتى ياتي من يقبضه منك والسلام فعزله، فقال معاوية: اكتبوا لا بالإنصاف لها والعدل عليها فقالت: لي خاصة أم لقومي عامة؟ قال وما أنت وغيرك قالت: هي والله الفحشاء واللؤم إن كان عدلا شاملا وإلا يسعني ما يسع قومي قال لها: جرأكم ابن أبي طالب وغركم قالوه:

فلو كنت بوابا على باب جنة ... لقلت لهمدان ادخلي بسلام

وقوله:

ناديت همدان والأبواب مغلقة ... ومثل همدان سني فتحة الباب

كالهند وإن لم يلفل مضاربه ... وجه جميل وقلب غير وجاب

اكتبوا لها بحاجتها فكتبوا لها وانصرفت.

[سوسن زوجة بواكيم ملكة بني إسرائيل]

من سبط يهوذا وقد ذكرت هذه القصة في التوراة بما في سفر دانيال - عليه السلام- إنه لما كان فيا لسنة الثالثة من ملك بواكيم قد بختنصر ملك بابل إلى أورشليم وسلمها الله سبحانه وتعالى.

ثم نزل في بيت المقدس، ولما استقرت آراؤهم على الشريعة الناموسية الموسورية حكم شخصين قاضيين عرفا بالعبادة والزهد في بني إسرائي، فكانا يحكمان في الشعب ويأويان إلى بيت بواكيم الملك وكانت سوسن في أرفع رتبة من الجمال والحسن وبهجة المنظر والصلاح لأن والديها كان صديقين في بني إسرائيل.

وكانت في كل يوم تنزل إلى بستانها للنزهة، فرآها القاضيان فوقعت منهما، فاشتغلا بها عن النظر في الحكومات وكتم كل عن الآخر حتى إذا كان منتصف النهار من يوم شديد الحر قال كل منهما لصاحبه: قد اشتد الحر فليذهب كل منا فيستريح وخرجا مضمري العود رجاء الظفر بالجارية.

فلما التقيا فحص كل عن عود الآخر فأظهرا ما عندهما من حبها واتفقا عليها، وإنها دخلت مع جاريتين البستان فعزمت على الحموم وقد استخفيا، فأرسلت الجاريتين لتأتياها بما يلزم لها فظهر القاضيان وأغلقا الأبواب وقالا لها: لئن لم تجيبينا وإلا قلنا: إنا وجدنا معك شابا.

ومن أجل ذلك أرسلت الجاريتين وأنت تعلمين مكانتنا من بين إسرائيل قالت سوسن: والله لا أغضب ربي أبدا وصرخت فصرخ القاضيان ومضى أحدهما، ففتح الباب، وجاء العبيد فأخبراهم بالقصة فبقوا مبهوتين لأنهم لا يعلمون عليها سوءا.

ثم أتى بواكيم فأعلموه بالأمر وأنهما لم يقدرا على مسك الشاب فجمع الشعب وتقدم الشيخان فكشفا عن سوسن وقالا: نشهد على هذه أنها دخلت البستان ومعها جاريتان فأرسلتهما وأغلقت الأبواب، فجاء حدث من وراء شجرة، فضاجعها، فحين رأينا المعصية صحنا فانفلت الشاب فبكت سوسن ورفعت طرفها إلى السماء وقالت: يا الله يا دائم يا عالم الخفيات أنت تعلم أنهما كذبا علي.

ثم أقاماها للقتل وكان دانيال عليه السلام شابا عمره ثلاث عشرة سنة فجاء وصاح عليهم أن قفوا فإنها بريئة بما رميت به، ثم أمر بالتفريق بينهما فقال لأحدهما: من أي شجرة جاء الحدث؟ فقال: من تحت شجرة بطم. فقال: كذبت وهذا ملاك الله شاهد عليك بالكذب، ثم أخره وقدم الآخر وقال له: من تحت أي شجرة جاء الحدث؟ فقال: من تحت شجرت زيت. فقال: كذبت، وأقامهما فنشرا ونزلت نار فأحرقتهما. تأمل. وحفظ الله الدم الزكي وعظم أمر دانيال عليه السلام.

<<  <   >  >>