وجهينة وأنباط يثرب, ولا أرى سائرهم ولكني سميت لكم الذين كانوا أشد الناس عليه في أول أمره وآخره.
ثم إنه رمي بالنبل والحجارة فنهاهم علي وأمرهم أن يردوا عليهم نبلهم فردوها إليهم فلم يزدهم ذلك على القتال إلا جراءة, وفي الأمر إلا غراء, ثم أحرقوا باب الدار فجاءهم ثلاثة نفر من أصحابه فقالوا: إن في المسجد أناسا يريدون أن يأخذوا أمر الناس بالعدل فاخرج إلى المسجد حتى يأتوك.
فانطلق فجلس فيه ساعة وأسلحة القوم مظلة عليه من كل ناحية, وما أرى أحدا يعادل فدخل الدار وقد كان نفر من قريش على عامتهم السلاح, فلبس درعه وقال لأصحابه: لولا أنتم ما لبست درعاً فوثب عليه القوم فكلمهم الزبير وأخذ عليهم ميثاقاً في صحيفة, وبعث بها إلى عثمان: إن عليكم عهد الله وميثاقة أن لا تضروه بشيء فكلموا وتحرجوا فوضع السلاح فلم يكن إلا وضعه حتى دخل عليه القوم يقدمهم ابن أبي بكر حتى أخذوا بلحيته وذبحوه ودعوه باللقب فقال: أنا عبد الله خليفته فضربوه على رأسه ثلاث ضربات وطعنوه في صدره ثلاث طعنات وضربوه على مقدم الجبين فوق الأنف ضربة أسرعت في العظم فسقطت عليه وقد أثخنوه وبه حياة وهم يريدون قطع رأسه ليذهبوا بها فأتتني بنت شيبة بن ربيعة, فألقت نفسها معي عليه فتواطؤنا وطأ شديدا, وعرينا من ثيابنا, وحرمة أمير المؤمنين أعظم, فقتلوه -رحمة الله عليه- في بيته وعلى فراشه, وقد أرسلت غليكم بثوبه وعليه دمه, وإنه والله لئن كان سلم من قتله لم يسلم من خذله فانظروا أين أنتم من الله -عز وجل- فإنا نشتكي ما مسنا إليه ونستنصر وليه وصالح عباده ورحمة الله على عثمان, ولعن من قتله وصرعهم في الدنيا مصارع الخزي والمذلة, وشفي منهم الصدور, فحلف رجال من أهل الشام أن لا يطؤا النساء حتى يقتلوا قتلته أو تذهب أرواحهم فكانت هذه الرسالة بسببها واقعة صفين.
[ناجية بنت ضمضم المري]
هي أخت هرم بن ضمضم كانت من شاعرات العرب الذين يحضرون الوقائع ويحرضون على القتال ولها أشعار قالتها في أختها هرم -المذكور- حين قتله ورد بن حابس العبسي في حرب داحس:
يا لهف قلبي لهفة المفجوع ... أن لا أرى هرما على مودوع
من أجل سيدنا ومصرع جنبه ... علق الفؤاد بحنظل مجدوع
وقالت فيه أيضا:
دعته المنايا دعوة فأجابها ... وجاور لحدا خارجا في الغماغم
عيشة راحوا يحملون سريره ... تعاوره أصحابه في التزاحم
فإن يك غالته المنايا ورببها ... فقد كان معطاء كثير التراحم
ولها أيضا:
الواهب المائة التلا ... دلنا ويكفينا العظيمة