للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم سكت، فقال محمد، فأعد لي وصفك لها، فقال:

وغير عدل إن قرنا بها ... جوهرة في التاج مغروسه

جلت عن الوصف فما فكرة ... تلحقها بالنعت محسوسة

فقالت "تنوسة": وجب علينا يا "مان" شكرك، فساعدك دهرك، وعطف عليك الفك، وقارنك سرورك، وفارقك محذورك، والله تعالى يديم لنا السرور ببقاء من ببقائه اجتمع شملنا فأنشأ يقول:

ليس لي إلف فيقطعني ... فارقت نفسي الأباطيل

أنا موصول بنعمة من ... حبلة بالحمد موصول

أنا مشمول بمنة من ... منه في الخلق مبذول

أنا مغبوط بزورة من ... ربعه بالمجد مأهول

فأومأ إليه ابن طالوت بالقيام فنهض وهو يقول:

ملك عز النظير له ... زانه الغر بالبهاليل

طاهري في مركبه ... عرفه للناس مبذول

دم من يشقى بصارمه ... مع هبوب الريح مطلول

فقال محمد: وجب جزاؤك لشكرك على غير نعمة سلفت منا إليك، ثم أقبل على ابن طالوت فقال: يا هذا، ليس خساسة ثوب المرء واتضاع المنظر ونبو العين بمذهب جوهر الأدب المركب فيه ولله در صالح بن عبد القدوس حيث يقول:

لا يعجبنك من يصون ثيابه ... حذر الغبار وعرضه مبذول

فلربما افتقر الفتى فرأيته ... دنس الثياب وعرضه مغسول

ثم قال وهو واقف:

مدمن التحقيق موصول ... ومطيل اللبث مملول

فأنا أستودعكم الله، ثم انصرف فأمر له محمد بن عبد الله بصلة سنية قال ابن طالوت: فما رأيت أحدا أحضر ذهنا منه إذ تقول له الجارية عطف عليك الفك فينفيها بقوله: ليس لي إلف فيقطعني البيت. قال: ولم يزل محمد مجريا عليه رزقا سنيا إلى أن مات، وبقيت "تنوسة" معززة مكرمة في منزل علية ابنة المهدي إلى أن ماتت بعدما عمرت ولم يتغير شيء من صوتها وجمالها.

[حرف الثاء]

[ثبيتة ابنة الضحاك بن خليفة الأنصارية الأشهلية]

ولدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت على جانب عظيم من الجمال والكمال، واللطافة والأدب، وعزة النفس. وكان يضرب بها المثل في الجمال بين نساء العرب، وكانت كلما خرجت من منزلها تتمايل إليها الأنظار وتهوى إليها القلوب بالأبصار وكان مرة بن سهل بن أبي حثمة مارا فيا لطريق فرأى محمد بن مسلمة يطار ثبيتة بنظره فقال له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: نعم، إني سمعت رسول الله

<<  <   >  >>