في الإسلام بعد الهجرة، ثم طلقها الزبير فكانت مع عبد الله ابنها بمكة المشرفة حتى قتل ابنها فبلغت من العمر مائة سنة حتى عميت، وماتت بمكة سنة ٧٣ هجرية و ٦٩٢ ميلادية.
ولها شعر قليل في رثاء زوجها وابنها ومن كلامها لابنها عبد الله حين قاتل الحجاج إذ دخل عليها وقال لها: يا أماه قد خذلني الناس حتى ولدي وأهلي، ولم يبق معي إلا اليسير، ومن ليس عنده أكثر من صبر ساعة والقوم يعطونني ما أدرت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق، وإليه تعود فامض له فقد قتل عليه أصحابك ولا تمكن من رقبتك تلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت أهلكت نفسك ومن معك، وإن قلت كنت على حق فلما وهن أصحابي، ضعفت فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين، ولم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن.
فقال: يا أماه، أخاف إن قتلني أهل الشام أن يمثلوا بي ويصلبوني قالت: يا بني إن الشاة لا تتألم بالسلخ فامض على بصيرتك، واستعن بالله.
فقبل رأسها وقال: هذا رأيي والذي خرجت به رائيا إلى يومي هذا ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله وأن تستحل حرماته ولكني أحببت أن أعلم رأيك، فقد زدتني بصيرة فانظري يا أماه فإني مقتول في يومي هذا فلا يشتد حزنك وسلمي الأمر إلى الله فإن ابنك لم يعهد بإيثار منكر ولا عمد بفاحشة، ولم يجز في حكم الله، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمد ظلم مسلم أو معاهد، ولم يبلغني ظلم عن عمالي فرضيت به، بل أنكرته، ولم يكن شيء آثر عندي من رضا ربي اللهم لا أقول هذا تزكية لنفسي، ولكني أقوله تعزية لأمي حتى تسلو عني.
فقالت أمه: لأرجو أن يكون عزائي فيك جميلا إن تقدمتني احتسبتك وإن ظفرت سررت بظفرك أخرج حتى أنظر إلام يصير أمرك فقال: جزاك الله خيرا فلا تدعي الدعاء. قالت: لا أدعه لك أبدا فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق ثم قالت: اللهم ارحم طول ذلك القيام بالليل الطويل وذلك النحيب والظمأ في هواجر مكة والمدينة، وبره بأبيه وبي اللهم قد سلمته لأمرك فيه، ورضيت بما قضيت فأثبني فيه ثواب الصابرين الشاكرين، فتناول يدها ليقبلها فقالت: هذا وداع فلا تبعد فقال لها: جئت مودعا لأني أرى هذا آخر أيامي من الدنيا.
قالت: امض على بصيرتك وادن مني حتى أودعك، فدنا منها فعانقته وقبلته فوقعت يدها على الدرع فقالت: ما هذا صنيع من يريد ما تريد؟ فقال: ما لبسته إلا لأشد متنك. قالت: إنه لا يشد متني، فنزعها ثم درج لمته وشد أسفل قميصه وجبته تحت أثناء السراويل وأدخل أسفلها تحت المنطقة وأمه تقول له: البس ثيابك مشمرة، فخرج وهو يقول مرتجزا:
إني إذا أعرف يومي أصبر ... وإنما يعرف يومه الحر
إذ بعضهم يعرف ثم ينكر
فسمعته فقالت: تصبر إن شاءا لله أبوك أبو بكر والزبير وأمك صفية ابنة عبد المطلب، ثم حمل على القوم وقاتل حتى قتل وصلب وطلبته أمه من الحجاج فأبى عليها إعطاءه، فكتبت لعبد الملك، فسمح لها بذلك فغسلته ودفنته، وبقيت بعده قليلا وماتت بعدما أضرت وذلك في سنة ٧٣ هجرية.
ومن قولها في زوجها الزبير بن العوام حين قتله عمرو بن جرموز المجاشعي وهو منصرف من وقعة الجمل بوادي السباع.
غدر ابن جرموز بفارس بهمة ... يوم الهياج وكان غير معرد
يا عمرو لو نبهته لوجدته ... لا طائشا رعش الجنان ولا اليد
ثكلتك أمك إن قتلت المسلما ... حلت عليك عقوبة المتعمد
[أسماء ابنة سلمة]
أسماء ابنة سلمة وقيل: سلام بن مخرمة بن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم التميمية الدارمية وهي أم الجلاس، قاله أبو عمر. وقال ابن منده وأبو نعيم: أسماء ابنة محزبة التميمية، وهي أم الجلاس، وأم عياش وعبد الله بن ربيعة. روى عنها عبد الله بن عياش والربيع بن معوز وذكر ابن منده وأبو نعيم حديث