الدولة العالية بوكونيا, وتوفيت سنة ١٧٨٠ م بعد أن ملكت أربعين سنة أظهرت في خلالها من الشجاعة والحزم والعزم والحكمة في السياسة, وتدبير الرعية, وترقية المعارف والصنائع ما فاقت به على الرجال ووصلت به النمسا في أيامها إلى أوج مجدها, وتوفيت عن ثلاثة بنين وست بنات. وخلفها قي الملك ابنها المذكور آنفاً باسم يوسف الثاني.
[ماريا متشل الفلكية الأميركية]
ماريا متشل ابنة رجل أمريكي من طائفة الكواكر, ولدت سنة ١٨١٨ م وكان أبوها مولعاً بعلم الهيئة والحسابات الفلكية, فتعلمت منه الحساب, وكان لها ميل شديد إلى العلوم الرياضية, فبرعت فيها مع أنها كانت تقوم بخدمة البيت من غسل الصحاف وما أشبه ذلك, ولم يحاول أبوها صرفها عن ميلها الطبيعي بل قواه فيها بتعليمه إياها العلوم الرياضية كلها حتى سلك الأبحر كما علم بنيه الذكور.
وكانت تقول: إن المرأة تستطيع أن تتعلم سبع لغات وهي تعمل بيديها في الخياطة والتطريز, وكان أبوها مستخدماً في اللجنة التي تسمح الشواطئ البحرية فاستعان بها على أعماله الحسابية, ومن ثم تعرفت بكثيرين من مشاهير علماء العصر وكان هؤلاء العلماء يزورونها ويحاورونها في المباحث العلمية, ولم يكن أبوها في بسطة من العيش, فعزمت على أن تساعده على السعي لعائلته, فجعلت مديرة لأحد المكاتب العمومية, وبقيت في هذا المنصب عشرين سنة منقطعة إلى الدرس في منتخبات الكتب, وكثيراً ما كانت تصنع الجوارب بيديها والكتاب مفتوح أمامها وهي تطالع فيه -هذا في النهار- وأما في الليل فكانت ترصد الكواكب في أفلاكها.
وسنة ١٨٤٧ م اكتشفت نجماً جديداً من ذوات الأذناب اكتشفته بالتلسكوب, وحسبت ميلة وصعوده المستقيم بالتدقيق, فكتب أبوها إلى مدير مرصد "كمبردج" يعلمه بذلك فلم يمض على هذا الاكتشاف إلا أسابيع قليلة حتى اشتهر اسمها في محافل العلماء وأذاعته الجرائد العلمية, ومنحها ملك الدانميرك نيشاناً ذهبياً.
ولما اكتشفت هذا الاكتشاف الفلكي كان لها في المكتبة عشر سنوات فأقامت فيها عشر سنوات أخرى عاكفة على الدرس ورصد الأفلاك والمساعدة في تأليف الزيح (النتيجة أو التقويم) الأميركي السنوي ومكاتبة الجرائد العلمية.
وسنة ١٨٥٧ م أتت أوروبا قصد مشاهدة مراصدها الفلكية والتعرف بعلمائها المشهورين, فرحب بها العلماء وأكرموا مثواها لأن شهرتها كانت تتقدمها حيثما ذهبت ولم تلبث في أوروبا إلا سنة واحدة, ثم عادت إلى أمريكا واستمرت على تأليف الزيج للحكومة إلى أن أنشأ مسيو "قاسار" مدرسة جامعة للبنات ومرصداً فلكياً فيها فجعلت مديرة لهذا المرصد وأستاذة لعلم الهيئة في المدرسة المذكورة وهي الآن عضو في مجمع العلوم الأميركي. وفي جمعية الفنون والعلوم ولها تأليفان الواحد في أقمار زحل والثاني في أقمار المشتري, ورصود معتبرة في النيازك, وعبور الزهرة.
وقد بلغت فوق السبعين من عمرها وكلل الشيب رأسها ولكنها لم تزل تراقب الأفلاك وتعلم بنات نوعها مراقبتها ومشاركة الرجال في أسمى المطالب العلمية.
[ماريا مورغان الأميركية]
ولدت في جنوب إرلندا سنة ١٨٢٨ م من أبوين من ذوي المقامات الرفيعة, وربيت على ظهور الصافنات الجياد منذ نعومة أظافرها, فلم تناهز العاشرة حتى صارت تسابق الفرسان وتكسب الرهان, ثم توفي أبوها