ت الملك بنت العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بأمر الله محمد بن عبيد الله الفاطمي العلوي.
كانت من أحسن نساء زمانها جمالا، وأوفرهن عقلا، وأثبتهن جنانا، وأعلاهن رايان وأشدهن حزما. شاركت أخاها الحاكم بأمر الله في الملك حتى إنه صار يقطع الامور عنم رأيها، وكلما خالفها في أمر تقوم عليه الرعية وينبذون طاعته، وهو يحسب ذلك من أخته ست الملك حتى إنه تغير عليها وأراد قتلها فصار يترقب الفرس وهي توجس منه خيفة إلى أن كثر ظلمه وزاد عسفه فكرهه الناس من سوء فعله ومن شدة كراهتهم له كانوا يكتبون إليه الرقاع فيها سبه وسب أسلافه والدعاء عليه حتى أنهم عملوا من قراطيس صورة امرأة وبيدها رقعة.
فلما رآها ظن أنها تشتكي، فأمر بأخذ الرقة منها وفيها كل لعن وشتيمة قبيحة وذكر حرمه بما يكره فأمر بطلب المرأة فقيل له: إنا من قراطيس فأمر بإحراق مصر ونهبها، ففعلوا ذلك، وقاتل أهلها أشد قتال مدة يومين. وفي اليوم الثالث انضاف إليهم الأتراك والمشارقة فقويت شوكتهم وأرسلوا إلى الحاكم يسألونه الصفح ويعتذرون إليه فلم يقبل فعادوا إلى التهديد.
[فلما رأى قوتهم أمر بالكف عنهم وقد أحرق بعض مصر ونهب بعضها وتتبع المصريون من أخذ نساءهم وأولادهم فابتاعوهم منه، وقد فضحت نساؤهم فازداد غيظهم وحقنفم عليه فظن أن ذلك من أخته ست الملك لأنه بلغه أن الرجال يدخلون عليها، فأرسل يتهددها بالقتل، ولما رأت سوء تصرفه وأنه ربما يطيع هواه فيقتلها أرسلت على قائد كبير من قواد الحاكم يقال له ابن داوس-وكان يخاف الحاكم- فقالت له إني أريد أنألقاك، ثم حضرت عنده وقالت له أنت تعلم ما يعتقده أخي فيك وإنه متى تمكن منك لا يبقي عليك، وأنا كذلك وقد انضاف إلى هذا ما تظاهر به مما يكره المسلمون ولا يصبرون عليه، وأخاف أن يثوروا به، فيهلك هو ونحن معه، وتنقلع هذه الدولة فأجابها إلى ما تريد فقالت إنه يصعد إلى هذا الجبل غدا وليس معه غلام إلا الركاب وصبي وينفرد بنفسه فتقيم رجلين تثق بهما يقتلانه ويقتلان الصبي ونقيم ولده بعده وتكون أنت مدير الدولة وأزيد في إقطاعك مائة ألف دينار، ثم أعطته ألف دينار للرجلين، وانصرفت. فاختار اثنين من ثقاته وأخبرهما بالقصة فمضيا إلى الجبل.]
فلما انفرد الحاكم هجما عليه وقتلاه وأخفياه وكان عمره ستا وثلاثين سنة وسبعة أشهر, فملا أيقنت النسا بقتله اجتمعوا إلى أخته ست الملك فأجلست على كرسي الولاية علي بن الحاكم وهو صبي لم يناهز الحلم وبايع له الناس ولقب بالظاهر لإعزاز دين الله، وأنفذت الكتب إلى البلاد بأن البيعة له وفي الغد ضر ابن داوس بأمر من ست الملك ومعه قواده، فأمرت خادما لها أن يضربه بالسيف فقتله وهو ينادي يا لثأر الحاكم فلم يختلف فيه اثنان وقامت ست الملك تدبر الدولة مدة أربع سنوات وهي تعدل بين الرغبة وتنصف المظلومين حتى أحبها جميع الأهالي وتنموا أن مدتها تدوم وتوفيت سنة ٤١٥ هجرية وقد حزن عليها جميع أهل مصر وتمنوا بقاءها تدبر المملكة حتى يكبر ابن أخيها ولكن لله في حكمه إرادة.
[سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التميمية]
كانت من النساء العاقلات الحكيمات ذوات الفصاحة والبلاغة وأصالة الرأي حتى إنها قادت أكابر قومها إلى رأيها وتحت طاعتها وركبت على العرب في عساكر جرارة، ولما أقبلت من الجزيرة قاصدة المدينة لمحاربة أبي بكر وادعت النبوة كانت هي ورهطها في أخوالها من تغلب أفناء ربيعة، وجاء معها