وهي طويلة اقتصرنا على هذا المقدار. فأجابه نابغة بني ذبيان يلومه على تعريض عقائلهم في شعره فقال:
فإن يك عامر قد قال جهلا ... فإن مطية الجهل الشباب
فإنك سوف تحلم أو تباهي ... إذا ما شبت أو شاب الغراب
فكن كأبيك أو كأبي براء ... توافقك الحكومة والصواب
فلا تذهب بحلمك طامثات ... من الخيلاء ليس لهن باب
[أسماء ابنة رويم]
كانت من النساء العاقلات الحكيمات الأديبات الولودات وكانت تسمي أولادها بأسماء الوحوش الضارية. قيل: إنه مر بها وائل بن ساقط فرآها منفردة في خبائها فهم بها فقالت: والله لئن هممت بي لأدعون أسبعي. فقال: ما أرى سواك في الوادي فصاحت ببنيها: يا كلب، يا ذئب، يا فهد، يا دب، يا سرحان، يا سبع، يا ضبع، يا نمر. فجاءوا يتعادون بالسيوف فقال وائل: ما هذا إلا وادي السباع فلزم هذا الاسم ذلك الوادي وقالوا لها: ما شأنك؟ قالت: إنه نزل بنا ضيفا فأحببت أن تكرموه إكراما زائدا وانصرف وهو يتعجب من ذريتها ومن حضور بديهتها لتحمل العذر الذي أبدته لأولادها.
[أسماء ابنة محمد بن صصرى]
هي أخت قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى، كانت شيخة مسندة جليلة مباركة كثيرة البر سمعت العلماء وحدثت وحجت مرارا وكانت تتلو في المصحف وتفيد الفائدة التامة لمن يسمع منها ومما قيل فيها:
كذلك فلتكن أخت ابن صصرى ... تفوق على النسا صبيا وشيبا
طراز القوم أنثى مثل هذي ... فلا التأنيث لاسم الشمس عيبا
[أسماء العامرية]
كانت فصيحة ظريفة أديبة لطيفة عذبة المنطق سلسلة الألفاظ، لها أشعار رائقة ومعانيها شائقة وقصائد مطولة تمدح فيه خلفاء زمانها ونثر منسجم لطيف العبارة، فمن ذلك الرسالة التي أرسلتها إلى عبد المؤمن بن علي التي نمت إليه بنسبها العامري وتسأله رفع الضريبة عن دارها والاعتقال عن مالها وفي آخرها قصيدة أولها:
عرفنا النصر والفتح المبينا ... لسيدنا أمير المؤمنينا
إذا كان الحديث عن المعالي ... رأيت حديثكم فينا شجونا
ومنها: رويتهم علمه فعلمتموه=وصنتم عهده فغدا مصونا فلما اطلع على قصيدتها ومقالها أجاب طلبها في جميع ما سألته عنه.
[آسية ابنة مزاحم امرأة فرعون]
كانت من خيار النساء المعدودات، تزوجت بفرعون موسى ملك مصر ولم تلد منه مدة حياتها معه وكان بحبها مستهاما ولكلامها مطيعا.
وكان فرعون رأى مناما قد هاله، فأحضر الكهنة والمفسرين من أرباب دولته، وقص عليهم رؤياه فحذروه من مولود يولد في ذلك العام ويكون هو سببا لخراب ملكه، فأمر فرعون بقتل كلا غلام يولد في ذاك العام من بني إسرائيل، وكان في دار فرعون بستان فيه نهر كبير فخرجت الجواري إليه ذات يوم