بذلك فاستدارت قيس بخبائها حتى كثروا جدا فلم يبق أحد لا نجاة عنده إلا دار بخبائها. فقيل لذلك الموضع: مدار قيس، وكان يضرب به المثل، وكان زوجها مسعود بن معتب قد خرج معه يومئذ بنوه من سبيعة وهم عروة ولوحة ونويرة والأسود فكانوا يدورون وهم غلمان في قيس يأخذون بأيديهم إلى خباء أمهم ليجيروهم كما أمرتهم أمهم أن يفعلوا فخرج وهب بن معتب حتى وقف عليها.
وقال لها: لا يبقى طنب من أطناب هذا البيت على ربطت به رجلا من بني كنانة فنادت بأعلى صوتها أن وهبا يحلف أن لا يبقى طنب من أطناب هذا البيت إلا ربط به رجلا من بني كنانة فالجد الجد، فلما هزمت لجأوا إلى خبائها فأجارهم حرب بن أمية.
[ست الوزراء]
لقب حفيدة العلامة وجيه الدين الحنبلي. ولدت سنة ٦٢٤ هجرية. وتوفيت سنة ٧١٧ هـ وهي محدثة مشهورة أخذت صحيح البخاري ومسند الإمام الشافعي عن أبي عبد الله الزبيدي وقرأت على أبيها بعض الحديث وكانت كما رواه صلاح الدين الصفدي محدثة عصرها واستقدمت إلى مصر فأخذ عنها الحديث الامير سيف الدين أرغون والقاضي كريم الدين، ودرست البخاري مرارا متوالية. وروى عنها كثير من مشاهير العلماء.
[ست الكرام]
بنت السيد سيف الدين عثمان الرفاعي أخت السيد علي مهذب الدولة والسيد عبد الرحيم ممهد الدولة والسيد عبد السلام أبناء عثمان -رضي الله عنهم- كانت وارثة محمدية ووليد علوية ذات أخلاق هاشمية وطباع مصطفوية، وأطوار فاطمية عدها خالها السيد الكبير سلطان الأولياء مولانا السيد أحمد الرافعي -رضي الله عنه- في طبقات ذكرها الإمام أحمد بن جلال- قدس -سره - في "جلاء الصدا".
قال عند ذكرها: الست السعيدة الحميدة الشهيرة ذات السيرة الحميدة، والأوصاف السديدة، صاحبة الدرجات العاليات، والمقامات الثابتات، والمكاشفات الصادقة. ولية الله الملك القدير بنت السيد عثمان من أخت السيد أحمد الكبير بست الكرام. نور الله مضجعها وعطر بفضله مهجعها، كانت من أكثر الناس حياء وإيمانا وإيقانا ذات أسرار مخفية وأحوال مرضية تنفق على الفقراء كل ما تجد من الأموال قنعت من الدنيا بالدون وما وجد لها عن خدمة الله سكون، تنفق ما كان لها من الطعام وتبيت طاوية، وكانت بقاء الله تعالى وقدره راضية.
كانت ذات شوق وحنين وحزن وأنين وأرق، ولباسها الصوف الخشن القصير. تطحن حتى يعلو غبار الدقيق على وجهها، وكان خالها يقربها ويدنيها منه وبغرائب الأمور والأسرار يسرها. كانت حافظة للعهود وبذلك كان يصفها ويعرفها لإخوتها ويقول: الحق يميل غليها ويرضى لرضاها ويقول لها: أي كرم وصل الله جناحك به كرمك. نقل أنها في صغرها كانت تصعد أمام خالها كل مرة فرأى ذلك أخوها السيد عبد السلام فنقم عليها فقال له: أما ترضون أم يكون منكم نساء لهن مقام الرجال كانت -قدس الله سرها- تقول علامة القبول والتوفيق المواظبة على الخيرات والمداومة عليها ما دام رمق من الحياة وإن أهل القبول جعلوا الصدق مطيتهم والتضرع إلى الله تعالى ديدنهم ووصلوا بهذه الصفات إلى واهب العطيات. قال الزبير: توفيت سنة ٥٦٠ هـ، ودفنت بمشهد أم عبيدة ببغداد رضي الله عنها.