اتهمها به والأرجح أن تهمته لها كانت باطلة ولم تطل حياته بعد ذلك لأنه توفي بداية سنة ١٧٢٥ م فأخفت هي ورجال بلاطها خبر موته إلى أن يستتب لها الأمر من بعده وقد اتهمها البعض بأنها دست له السم وهذا أيضاً لا دليل على صحة ولا سيما لأنها لم تكن على يقين من وصول الأمر إليها وتضاربت الآراء بعد وفاته فيمن يخلفه, ولكن تحزب لها الأمير "تشكوف" وغيره من أهالي ولما قال ذلك انكسرت شوكة أضدادها وأقر الجميع على مبايعتها فاستقرت على عرش روسيا في خطة زوجها لأنها سلمت تدبير أمور المملكة إلى "فشكوف" الحكيم.
ومن الأعمال العظيمة التي عملتها أنها أبطلت مجلس الأعيان وألغت ألقاب المجمع المقدس وقيدت خدمة الدين ضمن دائرة ضمن دائرة الكتب المقدسة, وعضدت مجلس المعارف, وعينت لأعضائه المرتبات الطائلة, وأناطت أشغال الدولة بمجلس شوراها السري ولكنها لم تخيم حياتها بالخير كما بدأتها إذ يقال: إنها مالت إلى المكر في أواخر أيامها, وعاشت عيشة أسرعت بها إلى القبر فتوفيت في السابع عشر من شهر أيار (مايو) سنة ١٧٢٧ م ولا مشاحة في أنها كانت امرأة عظيمة وقت نفسها من الذل, وتسلطت على قلب ملك من أعظم ملوك عصرها ولم تقنع نفسها الكبيرة بأنها صارت زوجة شرعية لهذا الملك العظيم بل رفعتها همتها إلى عرش روسيا فصارت عالية على أسراف الروس العريقين في النسب وأحسنت السياسة فيهم وأبقت لها بينهم ذكراً مجيداً.
[كاترينا الثانية إمبراطورة روسيا وهي ابنة دوق أنهلت زرسبت]
هذه الملكة كانت أديبة عاقلة عالمة بضروب السياسة تبوأت الملك في سنة ١٧٦٢ م وتوفيت سنة ١٧٩٦ م فكانت مدة ملكها أربعاً وثلاثين سنة. وفي أيامها اكتسبت روسيا نفوذاً أولياً قاطعاً في السياسة الأوروباوية, واعترف بأنها من دول أوروبا العظمى, وأدركت منافع السلم الخارجي بتوجيه خواطرها واجتهادها إلى تقدم إمبراطوريتها, وبعد استوائها على عرشها محفوفاً بجمهور من رجال السياسة والحرب المشهورين بالحذق أكثر من اشتهارهم بالسجايا.
ومنهم "غالستن" "وروميانتزف" و"بانيزه" و"أورلوف" و"ستلينكوف" و"سوفادوف" و"تشرنتشيف", و"بونمكين" وكانت لها اليد الطولى بتقسيم بولونيا في سنة ١٧٧٢ م.
وسنة ١٧٩٣ م واستولت على نحو ثلثيها وفي أثر حروب كثيرة ضمت إلى روسيا القرم وأزوق وغيرها ومساحة ما ضم إلى إمبراطوريتها أيام ملكها نحو مائتين وخمسة وعشرين ألف ميل مربع ومنها كورلندا وأما أعمالها الأيلة إلى تقدم البلاد الداخلي فلم تكن أعمالها الحربية أعظم منها فإن نحو خمسين ألفاً من الغرباء المجدين استوطنوا أراضي روسيا الزراعية الجنوبية وأنشأت عدة بيوت للتعليم والإحسانات إلى المعوزين وأكسبت التجارة البرية والبحرية والصناعة نجاحاً عظيماً ورواجاً كثيراً, وأصلحت إدارة الإمبراطورية حق الإصلاح.
وسنة ١٧٦٦ م عقدت جمعية من وكلاء الولايات لوضع قانون ونظام جديد وكانت درجة تعليم النساء في أول ملكها منحطة جداً فأفرغت هذه وسعها في سبيل ترقية قواهن العقلية وإعلاء درجتهن في الهيئة الاجتماعية, ومن الوسائل التي استعملتها إنشاؤها مدرسة إكليريكية للبنات في بطرس برج من