للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوانينها أن الابنة متى دخلتها لا تتمكن من تركها إلا لمضي سبع سنوات لاعتقادها أن هذه المدة تعتبر كافية لكمال التهذيب, وكانت المدرسة المذكورة مقسومة إلى قسمين القسم الأول لأجل تربية بنات الشرفاء, والثاني للدرجة الوسطى من الشعب. وكان عدد البنات اللواتي تلقين التربية فيها ٥٠٠.

ومن ذلك الحين سنة ١٧٦٤ م أخذت مدارس الإناث بالازدياد في كل روسيا, وأنشأت لهن الإمبراطورة محلات للرياضات الجسدية في كل أنحاء المملكة وبلغ عددها (سنة ١٨٧٣ م) ٢٠٠. وعدد التلميذات ٢٣٠٠٠. وتجمع دارهم خصوصية من البلديات للقيام بمصاريف المدارس المذكورة التي لم ينحصر نفعها في تربية النساء الروسيات فقط, والآن آل تقليل النفور والبغضاء الناتجة عن التفاوت في حقوق الولادة والمركز والثروة فتدهب التلميذات إلى محل الرياضات الجسدية بدون تمييز النسب والقرابة ويلبسن في ظروف كثيرة ملابس واحدة, وفي المدينة المؤلفة من أجناس مختلفة من الأهالي لا يراعون الجنسية فترى البنات التتريات والبشكيريات مختلطات مع الروسيات في الشرق كاختلاط الروسيات والبولونيات في الغرب, وإذا اعتبرنا الزمان الذي ابتدئ فيه بالاعتناء بتربية النساء فيها تحكم بأنهن قد أظهرن من الذكاء والميل الطبيعي لتلقي العلوم والتربية الحسنة شيئاً كثيراً.

وسنة ١٨٧٢ م كان في مدرسة "زوريخ" الكلية ٦٣ تلميذاً و ٥٤ منهن من الروسيات ولا يراعون اختلاف الأديان في إدخال التلميذ إلى المدارس فحقوق الطوائف متساوية في هذا الصدد, ويوجد في كل مدرسة كهنة مخصوصون للاهتمام بأمور التلامذة من مذهب واحد لم يكن كافياً لتعين المدرسة لهم مدرساً دينياً فيترك الاعتناء بأمر دينهم إلى والديهم أو أقاربهم, وقد أبطلت الإمبراطورة فيها القصاصات بالقتل أو الضرب ولا يحكمون بالقتل الآن إلا على مرتكبي أكبر الجنايات, ولا تقوى المجالس الجنائية على الحكم به ولكن تحال الدعوى إلى مجالس عالية تشكل في هذه الظروف ولا يزالون في سبيريا يقاصون المجرمين بالضرب وذلك لأجل المحافظة على الترتيب بينهم وذكر في تقرير سنة ١٨٦٠ م و ١٨٦٨ م أن معدل عدد المذنبين فيها ٥٣٤٠٠٠ من ذنوب مدنية وجنائية وسياسية وعدد الذين حكم عليهم بالقصاصات من المذنبين وحكم على ١٢١١ منهم بالأشغال الشاقة وعلى ٢١٧٢ مذنباً بالإبعاد إلى سيبيريا, وعلى ٢٤٨٨ بالنفي المؤبد, وعلى ٦٦٦٧ بالسجن في القلاع حيث يشتغلون بالصنائع اليدوية الشاقة, وعلى ١٣٦٦٩ مذنباً بالسجن, وعلى ٥٧٧٥٧ مذنباً بقصاصات خفيفة. وأما جرائم السرقة فكانت ٣١ في المائة من عدد المذنبين وحوادث القتل ٢ في المائة وكان عدد النساء المذنبات في ألأربعة وثمانين ألفاً نحو ١٨٨٠٠ وأكثر قليلاً من عشرة في المائة.

وبالجملة فإن نتيجة اجتهاد هذه الملكة جعلت البلاد في تقدم ظاهر حسدتها عليه باقي الدول, وكانت مع ما هي عليه من سمو الأفكار واتساع المدارك لا تألو جهداً من اشتغالها بفن التطريز والتصوير والنقش والحفر بالمعادن والعاج, وذلك لتعلقها في الصناعة وكانت محبة للعلماء مقربة لهم وأخصهم الفلاسفة المشهورون, وكانت مرة أهدت إلى "فولتير" علبة من العاج من صنع يدها فسر "فولتير" لهذه الهدية, وبعد قليل كافأها بأن قدم لها زوجاً من الجربات الحريرية من صنع يده وأرسل لها رسالة يقول فيها.

"إن جلالتك تكرمت بإهداء ما هو من أعمال الرجال ولكنه مصنوع بأيدي النساء فأهديتك ما هو من أعمال النساء ولكنه مصنوع بأيدي الرجال, وإني أرجو قبول هديتي وعساها أن تنال حظاً لديك".

<<  <   >  >>