المسجد فرأيته والله إني لأمشي نحوه العرضنة ليعود لبعض ما كان فأوقع به.
وكان رجلا خفيفا حديد الوجه، حديد اللسان، حديد النظر إذ خرج نحو باب المسجد يشتد قال: قلت في نفسي: ما له لعنه الله أكل هذا فرقا أن أشاتمه، فإذا هو قد سمع ما لم أسمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي: يا معشر قريش، اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان بن حرب قد عرض لها محمد في أصحابه ل أرى أن تدركوها الغوث الغوث قال: فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر.
قال: فتجهز الناس سرعا وقالوا: لا يظن محمد وأصحابه أن يكون كعير ابن الحضرمي كلا والله ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجلا وأرغب قريش فلم يتخلف من أشرافها أحد إلا أبو لهب بن عبد المطلب تخلف فبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة، وكان ذلك في وقعة بدر وخبرها مشهور ومن شعرها قولها ترثي أباها مع إخوتها في حال حياته حين طلب منها ذلك.
أعيني جودا ولا تبخلا ... بدمعكما بعد نوم النيام
أعيني واستعبروا واسكبا ... وشوبا بكاء كما بالمدام
أعيني واستخركا واسجما ... على رجل غير نكس كهام
على الجحفل في النائبات ... كريم المساعي وفي الذمام
على شيبة الحمد وأرى الزناد ... وذي مصدق بعد ثبت المقام
وسيف لدى الحرب صمصامة ... ومردي المخاصم عند الخصام
وسهل الخليقة طلق اليدين ... وف عد ملي صميم اللهام
تبنك في باذخ بيته ... رفيع الذؤابة صعب المرام
وقولها في الحماسة:
سائل بنا في قومنا ... وليكف من شر سماعه
قيسا وما جمعوا لنا ... في مجمع باق شناعه
فيه السنور والقنا ... والكبش ملتمع قناعه
بعكاظ يعشى الناظ ... رين إذا هم لمحوا شعاعه
فيه قتلنا مالكا ... قصرا وأسلمه رعاعه
ومجد لأعادرنه ... بالقاع تنهسه رباعه
ولها أشعار كثيرة غير هذه لم نقف عليها لعدم ورودها في كتب التاريخ.
[عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل]
كانت من الفصاحة على جانب عظيم، وقد أعطيت شطر الحسن فعشقها عبد الله بن أبي بكر الصديق وكلف بها حتى كاد أن يطير عقله، فلما تزوج بها أقام سنة لم يشتغل بسواها، فلما كان يوم الجمعة وهو معها إذ فاتته الصلاة وهو لا يدري وجاء أبوه فوجده عندها فقال له: أجمعت؟ فقال: وهل صلى الناس؟ فقال: قد ألهتك عن الصلاة طلقها فطلقها، واعتزلت ناحية فلما كان الليل قلق قلقا شديدا فأنشد: