وكانت أكتافيا على جانب عظيم من التهذيب وحسن الأخلاق، وجودة العقل، وسعة المعارف. وقد أجمع أهل زمانها على أنها كانت أجمل من كيلوباتره.
[أكتافيا ابنة الإمبراطور كلوريوس]
من زوجته مسالينا خطبها لوسيوس سيلاتوس حفيد أوغسطوس إلا أن أمها أبطلت تلك الخطبة وزوجتها بابنها نيرون من زوجها دوميتيوس أهينو بريوس فطلقها لما جلس على تخت الملك مدعيا أنها عاقر، وتزوج ببوبيا وبعد ذلك نفاها إلى أكميانيا لأن بوبيا اتهمتها بعشق عبد مصري شاب اسمه أوساروس كان يحسن الغناء بالمزمار فاضطرب لذلك، وساءهم هذا الظلم جدا، فاضطر إلى أن يطفئ غيظهم نيرون فاستدعى أكتافيا إلى روية فقابلها الشعب بإكرام وسرور لا مزيد عليهما، وكسروا تمثال بوبيا فعزمت هذه على الانتقام وحرمت نيرون بتذمرها لذيذ المنام فأمر أنبسيت قاتل أمه أن يصرح أنه ضاجع أكتافيا فنفاها إلى جزيرة بنداثاريا، وهناك قطعت عروقها لقتلها بنزف دمها فمنعت الرعية جريان الدم فخنقت ببخار حمام حار، وأرسل رأسها إلى بوبيا سنة ٦٢ للميلاد وكان لها من العمر حينئذ ٢٠ سنة فقط.
[أليصابات زوجة زكريا]
هي أم القديس يوحنا المعمدان وقد ولدته في شيخوختها بعد أن كانت عاقرا وكان أبوها من نسل هارون وأمها من سبط يهوذا، ولذلك كانت من ذوات قرابة السيدة مريم العذراء، وقد زارتها السيدة المذكورة في حبرون الخليل في أيام حملها، وذهب القديس بطرس الإسكندري إلى أنها تركت تلك المدينة عندما قتل هيرودس الأطفال والتجأت مع ولدها إلى كهف في جبال بهوذا فماتت هناك بعد أربعين يوما من دخولها الكهف المذكور، وتركت القديس يوحنا وحده من دون معين فأقام على هذا الحال مدة طويلة. وقد طنب المؤرخون في تعداد فضائلها ووصف تقواها.
[أليصابات ابنة هنري الثامن، ملكة إنكلترا]
ولدت لهنري من زوجته حنة بولين وآخر من ملك من بيت تودور ولدت سنة ١٥٣٣ م، وتوفيت سنة ١٦٠٣ م. وجعلت ولية للعهد حال ولادتها وذلك بموجب قرار صدر من المجلس العالي، وبه حرمت أختها ماري ابنة كاترينا الأراغونية من الملك مع أنها كانت أكبر منها بسبع عشرة سنة.
وفي السنة الثالثة من عمرها حدث ما أفضى إلى قتل أمها فصرح بأنها ابنة غير شرعية وتبدل ما كان لها من الاعتبار بالاحتقار، وتعلمت أليصابات اللغات اللاتينية والفرنساوية والإيطاليانية، والإسبانيولية، والفلمنكية وترجمت مؤلفا من اللغة الإيطاليانية إلى الإنكليزية وجعلته تقدمة لرابتها غير أنها كانت تفضل التاريخ على ما سواه من العلوم، وشاركت أخاها في الدروس التي ألقاها عليه رجل من أوفر أهل إنكلترا علما وأوسعهم معرفة.
ولما توفي هنري الثامن في سنة ١٥٤٧ م بالملك من بعده لابنته ماري ولأليصابات من بعدها، وعين لأليصابات مرتبا وافرا، وكان الناس حينئذ يحسبونها مناظرة لأختها ماري ورئيسة للحزب البروتستانتي، كما كانت ماري رئيسة للحزب الكاثوليكي.
وسنة ١٥٥٤ م تزوجت ماري بفليب الثاني، ملك إسبانيا وأمست تؤمل أن ترزق منه ولدا يرث الملك من بعدها وكان فيليب يعامل أليصابات باللطف، ويظهر لها الوداد، وتمكنت الصداقة والمحبة بين الأختين في الأشهر الأخيرة من حياة ماري، ولما توفيت ماري سنة ١٥٥٨ م خلفتها أليصابات على تخت الملك من دون ممانع وبعد ستة أشهر من جلوسها على التخت أبطلت الصلوات الكاثوليكية من كنيستها