للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان أبوها طبيب العرب وحارب النضر في يوم بدر مع قريش فأسر, ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله فقتل.

قال التبريزي: كان النبي صلى الله عليه وسلم تأذى به فقتله صبراً, وكان من جملة أذاه أنه كان يقرأ الكتب في أخبار العجم على العرب ويقول: إن محمداً يأتيكم بأخبار ثمود وعاد, وأنا منبئكم بأخبار الأكاسرة والقياصرة يريد بذلك القدح بنبوته.

وقال ابن عباس في قول الله تعالى: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا) [لقمان: ٦] إنها نزلت في النضر بن الحارث وكان يشتري كتب الأعجام من فارس والروم وكتب أهل الحيرة فيحدث بها أهل مكة, وإذا سمع القرآن أعرض عنه واستهزأ به, فلما أسر يوم بدر أمر النبي علياً أن يضرب عنقه وعنق عقبة بن أبي معيط صبراً فقتلا فقالت فتيلة ترثي أباها.

وفي بعض الروايات أنها أتت محمداً فأنشدت الأبيات الآتية فرق لها النبي وبكى وقال لها: لو جئتني من قبل لعفوت عنه, ثم قال: لا تقتل قريش صبراً بعد هذا والأبيات رواها كثيرون وشرحها شارح الحماسة وهي:

يا رابكاً إن الأثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موفق

أبلغ به ميتاًً فإن تحية ... ما أن تزال بها النجائب تعنق

مني إليه وعبرة مسفوحة ... جادنت لمانحها وأخرى تحنق

فليسمعن النضر إن ناديته ... إن كان يسمع ميت أو ينطق

ظلت سيوف بني أبيه تنوشه ... لله أرحام هناك تشقق

قسراً يقاد إلى المنية معتباً ... رسف المقيد وهو عان موثق

أمحمد أو لست صنو نجيبة ... في قومها والفحل فحل معرق

ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق

لو كنت قابل فدية لفديته ... بأعز ما يغلو لديك وينفق

فالنضر أقرب من تركت قرابة ... وأحقهم إن كان عتق يعتق

وبعدما انتهت من قصيدتها وقال لها النبي ما قال. قالت تمدحه بقصيدة مطولة -عثرنا منها على هذا البيت-:

الواهب الألف لا يبغي به بدلاً ... إلا الإله ومعروفاً بما اصطنعا

وهذه القصيدة لعمري إنها من القصائد التي يحق الافتخار بها لأنها صادرة من ذات قناع, وقد علمت قوة قائلتها من انسجام هذا البيت الذي ذكر منها لأنه في غاية الرقة والانسجام.

وتزوجت قتيلة بعبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس فولدت له علياً والوليد ومحمداً وأم الحكم وقد أسلمت بعد قتل أبيها وصارت من الصحابيات المروي عنهن الحديث توفيت في خلافة عمر بن الخطاب.

[قلم الصالحية جارية صالح بن عبد الوهاب]

كانت جارية صفراء, حلوة حسنة الغناء والضرب, حاذقة. قد أخذت عن إبراهيم وعن ابنه إسحاق ويحيى الملكي, وزبير بن دحمان. وكانت لصالح بن عبد الوهاب, واشتراها الواثق, وكان الواثق قد جمع أرباب الغناء فغنى أحدهم بين يديه لحناً لقلم في شعر محمد بن كناس وهو:

في انقباض وحشمة فإذا ... صادفت أهل الوفاء والكرم

<<  <   >  >>