للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ليث عرين ذو ... أظافير وأسنان

أبو شبلين وثاب ... شديد البطش غرثان

وبالكف حسام صا ... رم أبيض ذكران

وأنت الطاعن النجلا ... ء منها مزبدان

[صفية بنت عمرو الباهلية]

كانت شاعرة قومها محبوبة عندهم، ذات مقام رفيع. وكان لها أخ من السراة المغاوير، وكانت تحبه ويحبها محبة شديدة ولا يرغبان الافتراق عن بعضها إلا للضرورة، وكان مرة غزا في قومه حيا من أحياء العرب فدارت عليهم الدائرة وقتل أخو صفية، ولما بلغها الخبر شقت عليه الجيوب ولطمت الخدود ونشرت الشعور، ورثته بمراث كثيرة منها قولها:

كنا كغصنين في جرثومة سميا ... حينا بأحسن ما يسمو له الشجر

حتى إذا قيل قد طالت فروعهما ... وطاب فيؤهما واستنظر الثمر

أخنى علي واجدي ريب الزمان وما ... يبقي الزمان على شيء ولا يذر

كنا كأنجم ليل بينها قمر ... يجلو الدجى فهوى من بينها القمر

[صفية ابنة حيي بن أخطب]

ابن سعنة بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير بن النحام بن ناخوم، وهم من بني إسرائيل من سبط لاوي بن يعقوب، ثم من ولد هارون بن عمران أخي موسى، وأم صفية برة بنت سموأل، وكانت زوجة سلام بن مشكم اليهودي، ثم خلف عليها كنانة بن أبي الحقيق وهما شاعران، فقتل عنها كنانة يوم خبير.

روى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتح خبير وجمع السبي أتاه دحية بن خليفة فقال: أعطني جارية من السبي فقال: (اذهب فخذ جارية) . فذهب فأخذ صفية، قيل: يا رسول الله، إنها سيدة قريظة والنضير ما تصلح إلا لك! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذ جارية من السبي غيرها) . وأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم واصطفاها وحجبها، وأعتقها وتزوجها، وقسم لها وكانت عاقلة من عقلاء النساء.

وعن إسحاق بن يسار أنه قال: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم القموص حصن ابن أبي الحقيق أتى بصفية بنت حيي ومعها ابنة عم لها جاء بهما بلال فمر بهما على قتلى من قتلى اليهود، فلما رأتهم التي مع صفية صكت وجهها وصاحت وحثت التراب على رأسها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعزبوا هذه الشيطانة عني) وأمر بصفية فحيزت خلفه وغطى عليها ثوبه فعرف الناس أنه قد اصطفاها لنفسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال حين رأى من اليهودية ما رأى: (يا بلال أنزعت منك الرحمة حتى تمر بامرأتين على قتلاهما) . وقد كانت صفية قبل ذلك رأت أن قمرا وقع في حجرها فذكرته لأبيها فضرب وجهها ضربة أثرت فيه وقال: إنك لتمدين عنقك إلى أن تكوني عند ملك العرب فلم يزل الأثر في وجهها حتى أتى بها رسول الله فسألها عنه، فأخبرته الخبر.

وعن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها. قالت صفية بنت حيي: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغني عن حفصة وعائشة كلام، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا قلت وكيف تكونان خيرا مني وزوجي محمد وأبي هارون وعمي

<<  <   >  >>