وأسقانا إذ عدنا إليهم ... دماء خيارهم يوم التلاقي
فرت عظيمة دافعت عنهم ... وقد بلغت نفوسهم التراقي
وربّ كريمة أعتقت منهم ... وأخرى قد فككت من الوثاق
وربّ منوه بك من سليم ... أجبت وقد دعاك بلا رماق
فكان جزاؤنا منهم عقوقا ... وهما ماع منه مخ ساق
عفت آثار خيلك بعد أين ... فذي بقرا لي نيف النهاق
وقالت فيه أيضا:
قالوا قتلنا دريداً قلت قد صدقوا ... فظل دمعي على السربال ينحدر
لولا الذي قهر الأقوام كلهم ... رأت سليم وكعب كيف تأتمر
إذا لصحبهم غبا وظاهرة ... حيث استقرت نواهم جحفل ضفر
[عمرة ابنة الخنساء]
كانت شاعرة مثل أمها الخنساء وأبوها هو مرداس بن أبي عامر وكان العباس ويزيد ابنا مرداس أخويها وتزوجت بنشبة فولدت له ولدا سمته الأقيصر مات صغيرا. ومن مراثيها قولها في أخيها يزيد لما قتل وذلك أن يزيد كان قتل قيس بن الأسلت في بعض حروبهم فطلبه بثأره هارون بن النعمان بن الأسلت حتى تمكن من يزيد فقتله بقيس بن أبي قيس وهو ابن عمرو فقالت عمره:
أجد ابن أمي أن لا يؤبا ... وكان ابن أمي جليدا نجيبا
نقيا تقيا رحيب المقام ... كميا صليبا لبيبا خطيبا
حليما أريبا إذا ما تبدى ... سديد المقال مهيبا دريبا
وحسناء في القول منسوبة ... تكشف حاجبها والسبيبا
فشد بمنطقة مقصرا ... فدارت به تستطيف الركوبا
تشق سنابكها بالعرى ... وتطرح بالطرف عنها الغيوبا
فلما علاها استمرت به ... كما أفرغ الناضجان الذنوبا
فسار إليه وقالوا استقم ... فلم يجدوه هلوعا هيوبا
بقوم إذا فرغوا أمسكوا ... وأدرك منهم ركوبا ركوبا
وطعنة خلس تلافيتها ... كعطف النساء الرداء الحجوبا
وحوراء في القوم مظلومة ... كأن على دفتيها كثيبا
تميمتها غير مستأمر ... فعرقبتها وهززت القضيبا
فظلت تكوس على أكرع ... ثلاث وغادرت أخرى خضيبا
وقلت لصاحبها لا ترع ... فلم يعدم القوم نصحا قريبا
فراح يعدي على أجرد ... أمون وغادرت رحلا جنييا
ورق سباه لأصحابه ... فظل يحيا وظلوا شروبا