يقر بعيني ما يقر بعينها ... وأحسن شيء ما به العين قرت
أو قولك يا كثير في عزة:
وما حسبت ضمرية جدورية ... سوى التيس ذي القرنين أن لها بعلا
أو قولك فيها:
إذا ضمرية عطست فنكها ... فإن عطاسها طرف السفاد
فخرجا مغضبين، وبقي نصيب فتغدى عندها وأمرت له بثلثمائة دينار وحلتين وطيب، ثم دفعت له مائتي دينار وقالت: ادفعها إلى صاحبيك فإن قبلاها وإلا فهي لك، قال نصيب: فذهبت بالبدرة حتى أتيت رفيقي، فعرضت عليهما نصيبهما فأبيا أن يأخذاه، فأخذته لنفسي وبلغها الخبر فقالت: حسنا والله فعلت، وبقي كثير والأحوص يترقبان لها الفرص حتى يهجواها بشيء فلم يقدرا عليها خوفا من بأسها وسطوتها ومداراة لها، وأما هي فبقيت مكرمة عند عبد الملك، وفي خلافة ولدها أيضا حتى ماتت في آخر خلافة ولدها ودفنت بما يليق بها من الرفعة والإكرام.
[عاصية البولانية بنت عبد العزى الطائي]
كانت شاعرة مجيدة وشعرها قليل، قيل: إن بني محارب غزت طيئاً وفتكت فيهم لغياب سراتهم ورجعت غانمة فقالت عاصية تندب قومها وتهجو محاربا بقولها:
أعاصي جودي بالدموع السواكب ... وبكى لك الويلات قتلى محارب
فلو أن قومي قتلتهم عمارة ... كرام سراة من رؤوس الذوائب
صبرنا لما يأتي به الدهر عامدا ... ولكنما آثارنا في محارب
قبيل لئام إن ظهرنا عليهم ... وإن يغلبونا يوجدوا شر غالب
[عبدة محبوبة بشار بن برد]
كانت ذات عقل وأدب، وفصاحة وكياسة، وصوت حسن، ومنطق عذب وكان سبب عشق بشار لها أنه كان له مجلس يجلس فيه يقال له: البردان، فبينما هو في مجلسه ذات يوم وكان النساء يحضرنه إذ سمع كلام امرأة أشجاه نغمها وحسن ألفاظها فدعا بغلامه فقال: إني قد علقت امرأة فإذا تكلمت فانظر من هي واعرفها فإذا انقضى المجلس وانصرف أهله فاتبعها وأعلمها أني لها محب وأنشدها هذه الأبيات. وعرفها أني قلتها فيها.
قالوا بمن لا ترى تهذي فقلت لهم ... الأذن كالعين توفى القلب ما كانا
ما كنت أول مشغوف بجارية ... يلقى بلقيانها روحا وريحانا
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة ... والأذن تعشق قبل العين أحيانا
فأبلغها الغلام الأبيات فهشت لها وكانت تزوره مع نسوة يصحبنها فيأكلن عنده ويشربن وينصرفن بعد أن يحدثها وينشدها ولا تطعمه في نفسها ومما قال فيها:
قالت عقيل بن كعب إذ تعلقها ... قلبي فأضحى به من حبها أثر
أني ولم ترها تهذي فقلت لهم ... إن الفؤاد يرى ما لم ير البصر