للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورافقها "أكفرت دومست" الشاعر، ولكنهما افترقا في البندقية فرجع إلى فرنسا وبقيت هي وكتبت هناك عدة كتابات، وعند رجوعها إلى فرنسا في أوائل سنة ١٨٣٥م التقت بالمتشرع الفصيح "ميشال دوبرج" فساقها إلى الأمور السياسية ومع "لامني" الذي وقع جدال بينه وبينها في أمور دينية ومع "بيرلورو" الذي علمها المبادئ الاشتراكية، وظهر تأثرهم فيها في كثير من مؤلفاتها وكان حينئذ قد ازداد النفور بينها وبين زوجها فحصلت على أمر يؤذن لها بتركه ويولجها إدارة أمورها بنفسها وتربية أولادها وبعد ذلك جعلت "توهان" مكانا لاجتماع أصدقائها، واعتنت بتربية أولادها.

وسنة ١٨٣٨م صرفت الشتاء في جزيرة "ميورقة" حيث رافقها "شوبن" معلم البيانو فبقيت فيها إلى سنة ١٨٤٧م حين اضطرتها ثورة سنة ١٨٤٨م أن تعود ثانيا إلى ميدان السياسة ويقال: إنها عضدت بكاتاباتها كثيرا من الأعمال التي اتخذها "لدورولن" وكان حينئذ عضوا للحكومة المؤقتة ثم رجعت على "توهان".

وسنة ١٨٥٤م نشرت في جريدة "جرس" ترجمة حياتها محتوية على بعض الحوادث التي تخللتها وهي تاريخ لأفكارها وحاسياتها ونشرت نحو ٦٠ رواية منها كتب ومنها نبذ في الجرائد ولها تآليف أخرى كثيرة مطبوعة باللغات الإفرنجية.

[جوزفين ابنة الكونت تشاوي لاباجرى الفرنسوي]

من مقاطعة بالقرب من "بلو"، وأمها فرنسوية الأصل أيضا من مستعمرات جزيرة لاقديس "رومينيكو" التابعد لفرنسا عرفها الكونت "تشاوي" لما هاجر إلى تلك الجزيرة سنة ١٧٦٠م ليكون مأمورا بحرا تحت قيادة المركيز "بواهرني"، وإلى الجزيرة وقتئذ، فتزوج بها ورزق منها "جوزفين" المذكورة آنفا. وتوفي والدها بعيد ولادتها ثم ماتت زوجته وتركا "جوزفين" طفلة يتيمة الوالدين فاعتنت بها عمتها القاطنة في تلك الجزيرة وكانت هي وزوجها من أصحاب الأملاك الكثيرة والثروة الطائلة وعلى جانب عظيم من اللطف والدعة حتى أكرمهما أهالي الجزيرة واشتهرا بكل منقبة ومحمدة حتى كان خدمهما ينظرون إليهما نظر الآلهة وأحبهما جميع معارفهما حبا عظيما.

فهذان اعتنيا ب "جوزفين" وربياها على المبادئ الأدبية منذ الصغر وغرسا في قلبها الحنو واللطف فكانت تعامل بمثل ذلك العبيد القاطنين في ذاك المكان فأحبوها كثيرا وكانوا يعدونها كملكة عليهم ولم يكن لها في تلك الجزيرة من تلعب معه من الأولاد سوى أولاد العبيد فهؤلاء كانوا أصدقاءها في الصغر أما أصحاب عمتها وزوجها فكانوا من خاصة الفرنسويين القاطنين في تلك الجزيرة وهم جماعة من المهذبين العرافين بالآداب والفنون المتمسكين بعوائد بلادهم واصطلاحاتها الحسنة، ومن السياح الأوربيين الذين يأتون الجزيرة ويجولون في أقطار العالم وكانت "جوزفين" تسمع أحاديثهم وتستوعبها في عقلها النير وتحفظ منها أمورا كثيرة لمستقبل الأيام، ولذلك ظن الناس بعد اقترانها ب "نابليون" ومطالعة رسائلها الأنيقة أنها تعلمت في أحسن المدارس ودرست كل الفنون على أنها لم تدرس شيئا منها درسا قانونيا ما عدا الموسيقى والتصوير والرقص، وأما ما بقي فاكتسبته اكتسابا بجدها واجتهادها وتوقد ذهنها وشدة ميلها إلى الدراسة.

وكانت تضرب الغيثار بحذاقة غريبة وتغني بصوت رخيم يأخذ بمجامع القلوب، وإذا قرأت أثرت في عقول السامعين وسحرتهم بحسن بيانها ورقة كلامها.

وقد اشتهرت بمحبة الأزهار ودرس علم النبات والرقص وبرعت في الخياطة وسائر فنون النساء غير أنها لم تكن تهتم بأمر الملبس اهتماما خاصا، ولا كانت تباهي

<<  <   >  >>