مخائر قد زرع فيه البقل والخضراوات وعند قدومها خرج السلطان بعساكره إلى لقائها، وسار إلى البويب حتى تقابل معها وسار بركابها حتى وصلت لى مصر، وكانت خيرة عفيفة لها بر كثير ومصروف تحدث النسا بحجتها عدة سنين لما كان لها من الأفعال الجميلة في تلك المشاهد الكريمة، وكان لها اعتقاد في أهل الخير ومحبة في الصالحين. ومن مآثرها المدرسة المشهورة بمدرسة أم السلطان خارج باب زويلة بقرب القلعة بمصر يعرف خطها الآن بخط التبانة وكان مضعها مقبرة أنشأتها سنة إحدى وسبعين وسبعمائة وعملت بها درسا للشافعية ودرسا للحنفية، وعلى بابها حوض ماء للسبيل وهي من المدارس الجليلة وفيها دفن الملك الأشرف بعد قتله وبقيت مدة تجتمع فيها الطلبة والمدرسون يدرسون فيها جميع العلوم حتى صارت أخيرا جامعا بمعرفة أحد ولاة مصر مقام الشعائر لغاية الآن.
وتوفيت الست المشار إليها سنة ٧٧٤ هجرية، ودفنت بمدرستها المذكورة واتفق حين ماتت أنه أنشد الأديب شهاب الدين أحمد بن يحيى الأعرج هذين البيتين:
في ثامن العشرين من ذي القعدة ... كانت صبيحة موت أم الأشرف
فالله يرحمها ويعظم أجرها ... ويكون في عاشور موت اليوسفي
فكان كما قال وغرق الحائل يوسف في شهر محرم سنة ٧٧٥هـ.
[برة ابنة عبد المطلب الهاشمية]
كانت من الشاعرات الأديبات ذوي المعاني الرائقة، والألفاظ الموزونة المتناسقة رثت أباها عبد المطلب في حال حياته مع أخواتها بناء على طلبه بقولها:
أعيني جودا بدمع درر ... على طيب الخيم والمعتصر
على ما جد الجد وارى الزناد ... جميل المحيا عظيم الخطر
على شيبة الحمد ذي المكرمات ... وذي المجد والعز والمفتخر
وذي الحلم والفضل في النائبات ... كثير المكارم جم الفخر
له فضل مجد على قومه ... منير يلوح كضوء القمر
أتته المنايا فلم تشوه ... بصرف الليالي وريب القدر
[بصيص جارية ابن نفيس]
كانت أعجوبة وقتها في الحسن والغناء ويتمنى كل من سمع بها رؤيتها ولو بذهاب نفسه ولشدة رغبة الناس في سماع صوتها قال بعضهم فيها هذه الأبيات:
بصيص أنت الشمس مزدانة ... فإن تبدلت فأنا الهلال
سبحانك اللهم ما هكذا ... فيما مضى كان يكون الجمال
إذا دعت بالعود في مشهد ... وعاونت يمنى بيد الشمال
غنت غناء يستفز الفتى ... حذقا وزان الحذق منها الدلال
وتذاكروا بخل مزيد أبي إسحاق في مجلسها وما وكان من جملتهم ابن مصعب فقالت: أنا آخذ منه درهما فقال مولاها: إن فعلت جعلتك حرة وكسوتك ثوب وشي، وأولمت لك يوما فقالت: ارفع الغيرة، فقال: إن رفع رجليلك