إلا أن غناها وتنعمها حملا رجال البلاط والأمة على كرهها. وسنة ١٤٤٥ م أساء إليها ابن الملك "شارل السابع" فتركت البلاط الملكي وأقامت في قصر كان قد بناه لها الملك في "لوس". وسنة ١٤٥٠ م سارت على "جومياك" لمقابلة عاشقها فتوفيت هناك فجأة وظن الناس أن ابنه دس إليها السم في بعض المشروبات وكان قد ولد لها من "شارل السابع" ثلاث بنات فاعترف بهن ورباهن وكن يعرفن ببنات فرنسا.
[أولغا امرأة إيفور دور يكوفتش]
ثالث غراندوق روسي وكانت تلقب بالقديسة "أولغا" ولدت من عائلة فقيرة في قرية قرب "بسكوف" وكانت ذات جمال بارع وذكاء سام, فتزوجها "إيفور" سنة ٩٠٣ م, وجلس معها على كرسي الملك سنة ٩١٢ م, ومات عنها سنة ٩٤٥ م, فحكمت بعده بالنيابة عن ابنها "سفياتوشيلاف" وقد انقسمت حياتها من ذلك الوقت إلى حين وفاتها إلى قسمين ممتازين خصص أحدهما بالسياسة والآخر بالدين والتعبد.
وسبب وفاة زوجها هو أنه جمع عسكرا وخرج به ليغزو قبيلة "الدريفليان" ويجمع منهم الضريبة السنوية وبعد أن جمعها رجع ظافرا وبينما هو على الطريق خطر له أن ما جمعه يسير فأمر عسكره بالرجوع ليجمع ضريبة أخرى, فأبت العسكر أن ترجع معه, فعاد بشرذمة يسيرة, فلما رأته تلك القبيلة سألته ماذا يطلب فأمرها بجمع الجلود والعسل والمال فلما سمعوا ذلك احتدوا غيظا وهجموا عليه وقتلوا من معه, وأما هو فمسكوه وأحنوا شجرتين وربطوه بطرفيهما وتركوهما فرجعتا إلى مكانهما فتمزق الأمير إربا إربا ومات شهيد الطمع فلما قتله "الدريفليان" انتخبوا منهم عشرين رجلا وأرسلوهم إلى امرأة "إيفور" يطلبون إليها أن تتزوج أميرهم, فلما أتى إليها الرسل سألتهم ماذا يطلبون فأجابوا: إننا قتلنا زوجك لأنه خرب أرضنا, والآن نطلب أن تقبلي أميرنا زوجا لك.
فقالت: حسنا تقولون أجيب طلبكم, وإنما أريد أن أعظمكم في أعين شعبي فارجعوا إلى سفينتكم وعندما يأتيكم رسلي اطلبوا إليهم أن يحملوكم على أكتافهم, وبعد انصراف الرسل أمرت "أولغا" أن يحفروا خندقا وراء قصرها, وأرسلت رسلها وأمرتهم أن يحملوهم ويطرحوهم في الحفرة, فلما أتى رسل "أولغا" إليهم قال لهم أولئك: لا نذهب مشاة, ولا نمتطي صهوات الجياد, ولا نركب العجلات احملونا على أكتافكم. فأجابوا طلبهم, وعندما أتوا القصر طرحوهم في الحفرة المعدة لهم وواروهم التراب وبعد ذلك أرسلت "أولغا" تقول لهم: إذا كنتم ترغبون حقيقة أن أكون امرأة لأميركم فأرسلوا رؤساء قومكم لأحضر معهم, فلما أتوا أمرتهم أن يغتسلوا في الحمام فلما دخلوه أمرت بإحراقه فماتوا عن بكرة أبيهم, وعند ذلك أرسلت تقول "للدريفليان" استعدوا لاستقبالي وهيئوا المشروبات على قبر زوجي فإني عازمة على أن أبكي هناك ومن ثم أتزوج بأميركم فأجابوا طلبها, ولما قدمت إليهم سألوها أين رجالنا فأجابتهم سيحضرون مع عسكر زوجي وبعد ذلك أولمت وليمة عظيمة, وعندما لعبت الخمر في رؤوس "الدريفليان" بطش بهم رجال "أولغا" وقتلوا منهم خمسة آلاف رجل ورجعت على الأعقاب إلى مدينتها, وبعد مضي سنة جمعت عسكرا وأخذت ابنها وغزت "الدريفليان" وحاصرت عاصمتهم, ولما لم تقدر أن تأخذها أرسلت تقول لهم: أعازمون أن تموتوا جوعا وعطشا؟ اجمعوا لي جزية وأنا أرحل عنكم, وأنا أطلب منكم جزية خفيفة وهي: ثلاث حمامات وثلاثة عصافير من كل بيت فسروا سرورا عظيما وحالا جمعوا المطلوب وأرسلوه على جناح السرعة فأمرت "أولغا" عساكرها بأن يربطوا بأذنابها خرقا ملوثة بمواد ملتهبة وعندما يبدو لهم الظلام يشعلون الخرق ويطلقون الحمام والعصافير ففعلوا ذلك ورجع كل طير إلى عشه فالتهمت النار البيوت وفرارا من الحريق هرب سكان المدينة فألقتهم "أولغا" بعسكرها وفرقتهم أيدي "سبأ", ونهبت أرضهم, ودوخت عدة قبائل, وضربت عليهم الضرائب الثقيلة ورجعت إلى "كييف" ثم سافرت إلى "نوفوغودود" فاستمالت بحكمتها كل القلوب.
وسنة ٦٥٥ م سلمت زمام