على يوم الفراق ويتمنى أن يكون بعدها التلاق.
[هند بنت النعمان]
ابن المنذر بن امرئ القيس بن النعمان بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عرو بن الحارث بن مسعود بن مالك بن غنم بن نمارة بن لخم.
كانت هند من أجمل نساء أهلها وزمانها وأمها مارية الكندية وكان يهواها عدي بن زيد بن حماد بن زيد بن أيوب الشاعر العبادي ولها يقول:
علق الأحشاء من هند علق ... مستسر فيه نصب وأرق
وهي قصيدة طويلة وفيها أيضا يقول:
من لقلب مدنف أو معتمد ... قد عصى كل نصوح ومعد
وهي طويلة أيضا وفيها يقول:
يا خليلي يسرا التعسيرا ... ثم روحا فهجرا تهجيرا
واعرجا بي على ديار لهند ... ليس إن عجتما المطي كثيرا
وقد تزوجها وكان سبب عشقه لها أنها خرجت في خميس الفصح تتقرب في البيعة, ولها حينئذ إحدى عشرة سنة, وذلك في ملك المنذر وقد قدم عدي حينئذ بهديته من كسرى إلى المنذر والنعمان يومئذ فتى شاب, فاتفق دخولها البيعة, وقد دخلها عدي ليتقرب.
وكانت مديدة القامة, عبلة الجسم, معتدلة القوام فرآها عدي وهي غافلة فلم تنتبه له حتى تأملها وقد كان جواريها رأين عديا وهو مقبل فلم يقلن لها وذلك كي يراها عدي وإنما فعلن هذا من أجل أمة لهند يقال لها مارية قد كانت أحبت عديا فلم تدر كيف تأتي له.
فلما رأت هند عديا ينظر إليها شق عليها ذلك وسبت جواريها ونالت بعضهن بضرب فوقعت هند في نفس عدي فلبث حولا لا يخبر بذلك أحدا.
فلما كان بعد حول وظنت مارية أن هندا قد أضربت عما جرى وصفت لها بيعة رومية ووصفت لها من فيها من الرواهب ومن يأتيها من جواري الحيرة وحسن بنائها وسرجها وقالت لها: سلي أمك الإذن لك في إتيانها فسألتها ذلك فأذنت لها وبادرت مارية إلى عدي فأخبرته الخبر فبادر فلبس قباء كان أهداه له فرخان "شاه مرد", وكان مذهبا لم ير مثله حسنا.
وكان عدي حسن الوجه مديد القامة حلو العينين حسن المبسم نقي الثغر وأخذ معه جماعة من فتيان الحيرة فدخل البيعة, فلما رأته مارية قالت لهند: انظري إلى هذا الفتى فهو والله أحسن من كل ما ترين من البرج وغيرها قالت: ومن هو؟ قالت: عدي بن زيد. قالت: أتخافين أن يعرفني إن دنوت منه لأراه من قريب؟ قالت: ومن أين يعرفك وما رآك قط فلا تخافي من حيث يعرفك؟ فدنت هند منه وهو يمازح الفتيان الذين معه وقد برع عليهم بجماله وحسن كلامه وفصاحته وما عليه من الثياب فذهلت لما رأته, وصارت تنظر إليه, وعرفت مارية ما بها وتبينته في وجهها