دخل إلى الاسئمان بعد واقعة "سيدان" التي حدثت في أربعة أيلول عام ١٨٧٠ م, فاخترط حسامه وسلمه إلى الملك "غليوم" عدوه الألد مكتفيا من النصر بالأسر مع ثمانين ألفا من جيشه, وما برح مأسورا في "فاستافاليا" من بلاد الألمان حتى حميت لظى الحرب بين الفريقين.
ثم لم يأت حين من الدهر ألم به داء في المثانة عياء ذهب به إلى دار الفناء بعد أن أذاقه صنوف الويل وأفانين البرحاء تاركا وراءه المسكينة "أوجين" على فراش من القتاد ووسادة من الرمضاء, ولم يكتف بهذا الدهر الظالم حتى نكلها في وحيدها وبقية آمالها البرنس "أميربال" شهيدا في بلاد "الفرولوس" الأفريقية مطعونا بأسنة أمة بربرية وهو يافع في نضارة العمر وريعان الشباب وبقيت بعده كالغزالة النافرة من زرود جزعا على خشفها العزيز تنثر لآلئ الدمع على يواقيت الخدود وتغرس عقيق الشفاه ببرد الثغر البرود, ولسان حالها يقول: لقد جئت يا دهر شيئا فريا يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا. تحاول الاعتصام بالصبر على ما انتابتها به الأيام. وهو بعيد عنها بعد المسجد الأقصى عن المسجد الحرام وبقيت على ذلك إلى هذه الأيام.
[أيريني إمبراطورة بيزنظة]
ولدت في أثينا سنة ٧٥٣ م وتوفيت في جزيرة "لسيوس" سنة ٨٠٣ م واشتهرت بالعقل والجمال, فاختارها "قسطنطين كويردنيموش" زوجة لابنه المعروف ب "لاون" الرابع, فاستولت على قلبه كل الاستيلاء ولما مات عهد إليها وصاية ابنه "قسطنطين الخامس" سنة ٧٨٠ م فقامت بأعباء الملك حق القيام حتى إذا ساعدها القدر وخدمها السعد بطرت واستكبرت وداخلها الطمع فعقدت مع هاورن الرشيد صلحا غير موافق لانتفاعها به.
وسنة ٧٨٧ م عقدت مجمعا في "نيقية" أمرت فيه بعبادة الأيقونات وألغت انشقاق الكنيسة الشرقية فلما رشد ابنها سنة ٧٩٠ م نفاها وهجرها في قصر لكنها تخلصت بعد خمس عشرة سنة واتصل بها الأمر لكي تستبد بالمملكة إلى أن سلمت عيني ابنها بلا خوف ولا خجل ولكي تنسي الناس هذا العمل الفظيع شرعت بأعمال عظيمة فقيل: إنها عرضت نفسها على "شارلمان" ليتزوجها أو قبلت بالأقل أن تزوج إحدى بناتها بأحد أولاده لكن قبل أن يتم لها ذلك حجر عليها "نيقيفورس" خازنها الأكبر سنة ٨٠٢ م ونفاها إلى جزيرة "لسيوس" فحط بها الدهر هناك حتى احتاجت أن تأكل من غزل يدها وهناك ماتت سنة ٨٠٣ م فتأثر اليونان لمصائبها وجعلوها قديسة وأقاموا عيد تذكار لها في ١٥ آب من كل سنة. واسمها في بعض كتب العرب "أريني".
[إيزابيلا الأولى الملقبة بالكاثوليكية ملكة قسطيلة ولاون]
ولدت سنة ١٤٥٠ م, وتوفيت ١٥٠٤ م كانت بنت "يوحنا الثاني" ملك قسطيلة من "إيزابيلا" البرتوغالية زوجته الثانية وفي السنة الرابعة من عمرها توفي أبوها فخلفه في الملك ابنه "هنري" من "ماريا" الأراغونية زوجته الأولى واستمرت "إيزابيلا" مع أمها إلى سنة ١٢ من عمرها وكانتا منفردتين في بلدة "أريقالوا" فلما ولدت "جوانا" نقلها "هنري" إلى بلاطه محاولا بذلك أن يمنع تألف حزب يمكنها إرث الملك من بعده بدل البرنسيس "جوانا" المذكورة وكان حصولها على تاج الملك أمرا مستبعدا لأن أخاها البكري كان ملكا وله بنت وكان لها أيضا أخ أصغر منها في قيد الحياة غير أن أكابر ملوك أوروبا أتوها خاطبين أملا بمستقبلها.
قال "برسكوت": وكان "فردينندو" أول من خطبها وهو الذي تزوجها بعد أن حال دون ذلك مصاعب شتى فإنها خطبت في السنة الحادية عشرة من عمرها لأخيه "كارلوس" وكان قد بلغ الأربعين فدفع عنها ذلك المكروه بموت "كارلوس" بالسم. وسنة ١٤٦٤ م وعد بها أخوها "هنري ألفونس" ملك البرتوغال فعارضته في ذلك مدعية أن بنات ملوك "قسطيلة" لا يتزوجن إلا بموافقة أشراف المملكة ثم حدثت ثورة تحت رياسة مركيز "فلينا" وعمه رئيس أساقفة