الخصوصية وأبت في أول الأمر أن تلقب برئيسة الكنيسة البروتستانتية وسمت نفسها والية لها إلا أنها أنفذت فيها سلطتها أخيرا ولم يكن لها معارض فيما تفعله وكان القوم في فرنسا يدعون لماري ستوارت ملكة سكوتلندا بحق التملك على إنكلترا، وكانت هذه الدعوى من شانها أن تأتي بنتائج ردئية وتسوق إلى الحرب، وأخذت أليصابات تتداخل في أمور سكوتلاندا ونجح الحزب البروتستانتي فيها بمساعدتها وحاول الباب بيوس الرابع أن يرد الملكة إلى الدين الكاثوليكي فحبط سعيه، وأرجعت قيمة المسكوكات الإنكليزية إلى ما كانت عليه سنة ١٥٦٠ م فنشأ عن ذلك الإصلاح خير عظيم ونجاح للبلاد وأرسلت إلى الهوغنو الفرنساويين إمدادا من المال والسلاح والرجال وأمدت أيضا بروتستانت الفلمنك سرا، ولما طلبت ماري ملكة سكوتلاندا أن يسمح لها أن تنطلق بأمان من فرنسا إلى سكوتلاندا لم تجبها أليصابات إلى طلبها ويقال: أنها حاولت إلقاء القبض عليها.
وسنة ١٥٦٣ م طلب إليه المجلس العالي أن تتزوج لأن مسألة إرث الملك مما يهم رعاياها وخطبها كثيرون من إنكلترا والبلدان الأجنبية وكان من أعظم الإنكليز الذين يرغبون في الاقتران بها هنري فتزالان، ثامن عشر أرلات أرندل وآخرهم، وطلب إليها أيضا أن تعترف بماري ستوارت ولية للعهد فأبت، ولم تبرم المسألة وخطبها شارل التاسع ملك فرنسا فلم تجبه إلى سؤاله ومن جملة الذين رغبوا في الاقتران الأرشيدوق كارلوس ابن إمبراطور ألمانيا وكانت محبة الأرشيدوق تنمو يوما فيوما في قلبها، وكان الناس ينتظرون يوما فيوما اقتران الملكة بحبيبها وساء أليصابات تزوج دارنلي بماري ستوارت وتكدر الإنكليز عموما من ولادة ولد لهما لأن ذلك دل على أن الملك سينتقل فيما بعد إلى كاثوليكي، وفي تلك الأثناء حدثت قلاقل داخلية جديدة، واشتدت المصاعب الخارجية على الدولة لأن قبول المضطهدين الفارين من الفلمنك في إنكلترا وتأمينهم على أرواحهم ساء إسبانيا فأهينت الراية الإنكليزية في خليج مكسيكو وكذلك سفيرها في مدريد، فاستولت الملكة على مال لإسبانيا وجدته في سفن إسبانيولية التجأت إلى مرافئ إنكلترا ولما حجز الفلمنكيون أملاك الإنكليز في الفلمنك وسجن أصحابها، ألقت القبض على كل الإسبانيول المقيمين في إنكلترا وعلى سفير دولتهم أيضا وخاطبت فيليب الثاني في ذلك رأسا فأجابها بكبرياء وتهددها بالحرب، وكان دوق نرفلك قد انحاز إلى ماري ستوارت، وتعلق بها فحذرته أليصابات من ذلك، ثم ألقت عليه القبض وسجنته.
وسنة ١٥٦٩ م حدثت الثورة الشمالية العظيمة تحت رياسة أرلي وستمورلاند ونورثمبرلاند الكاثوليكيين فأخمدها أرل سكس في الحال، وقتل ٨٠٠ من العصاة.
وسنة ١٥٧٠ م حرم الباب بيوس الخامس الملكة أليصابات وعلق رجل من الكاثوليك اسمه فلتون نسخة من الحرم على باب قصر الأسقفية في لندن فقبض عليه وقتل صبرا وبعد أن حبط مسعى القوم في عقد الزواج بينهما وبين الأرشيدوق كارلوس عرض عليها أن تتزوج بدوق أنجو الذي صار فيما بعد ملكا لفرنسا وسمي هنري الثالث وكان آخر رجل من بيت. قالوا: ألقيت المسألة على ديوان المشورة قال بعض الأعضاء: إن الدوق لا يلائم الملكة لأنه أصغر منها سنا (وكان عمره ٢٠ سنة وعمرها ٣٧ سنة) فأغضبها ذلك جدا.
ويستدل من هذه الحادثة وما أشبهها أنها لم تكن تراعي جانب الخلوص في مثل هذه الأمور، وأنها كانت تغتاظ غيظا شديدا عندما ترى أحدا من خاطبيها يتزوج بغيرها بعد أن ييأس منها وجعلت سسيل لورد بورليغ وزيرا لها ووجهت إليه نظارة الخزينة وإلى السير توماس سميت مستشارية الدولة، وحصل لهاتون أهمية كبرى لأن الملكة أحبته كثيرا لكمال صفاته وجماله، واتهمها الناس أنها تعشقه وحبا بنفعه نزعت من أسقف لها كثيرا من الأوقاف وبعثت إليه برسالة في ثلاثة أسطر غاية في الخشونة.
وفي أثناء الكلام عن اقترانها بدوق أنجو عرضت عليها أمها أن تزوجها بأخيه ألنسون وكان أصغر منها باثنتين وعشرين سنة قبيح الخلق والخلق، ثم انقطعت المراسلات بين أليصابات وأنجو فطلب إليها الإمبراطور مكسيميليان الثاني أن تتخذ ابنه رودلف بعلا لها مع