والمظنون أنها أشد موقعة جرت في إنكلترا فإنها دامت أكثر من يوم وقتل فيها ٣٠ ألف رجل, وانكسر حزب "لنكستر" الذي كانت قائدته الملكة "مرغريتا" انكساراً تاماً, وثبت الملك "لإدورد الرابع" فسافرت "مرغريتا" إلى فرنسا, وطلبت مساعدة ملك الفرنسويين.
وفي سنة ١٤٦٤ م رجعت إلى "اسكوتسيا" بخمسمائة مقاتل من الفرنسويين, واجتمع إليها قوم من الاسكوتسيين فأضرمت نار الحرب وجرى لها مع اللورد "مونتا كيوت" الجنرال الإنكليزي موقعة بالقرب من "هكسام" فدارت عليها الدائرة وأسر الملك هنري زوجها وكثيرون من الرؤساء والقواد, وأما هي فهربت إلى فرنسا أيضاً وذبح إدوارد أعداءه ذبحاً ذريعاً في أوائل الانتصار.
ثم عمد إلى الحلم والرفق بالرعية, وانتهز فرصة غياب "مرغريتا" فأطلق لنفسه العنان, وتزوج سراً بامرأة اسمها "إليزابيت" أرملة السارجون "غراي" وابنة "رتشرد دوفيل" وهو البارون "ريفرس" وكان قد قابلها في بيت أبيها وهو في العيد في غابة غرفتون وفي شهر أيلول (سبتمبر) أعلن جهاراً أنها زوجته وملكة إنكلترا, ووجه إلى أبيها لقب أرل فساء هذا الاقتران أرل "ورويك" العاتي المتكبر لأن "إدوارد" كان يود أن يقترن بالبرنسيس بونه دوساقوا عهد إليه مخابرتها بذلك واستمالتها إليه فنجح في مخابرته فكان من "إدوارد" ماتقدم فكبر الأمر على الأرل واستعظمه واتحد مع شقيق "إدوارد" -وهودوق كلارنس- وجاهر بالعصيان سنة ١٤٦٩ م.
فظهرت في الحال نتيجة اتحاده مع أشراف البلاد وأكابرها غير المرتضين بتصرفات "إدوارد" وامتدت الثورات في كل جهات البلاد وجند "روبين" من رد سذال في كونيتة بورك ٦٠ ألف مقاتل وشهر الحرب فسار إليه "إدوارد" وكان "ورويك" قد ذهب إلى فرنسا فاستمال إليه لويس الحادي عشر وصالح "مرغريتا" عدوته القديمة, ورجع إلى إنكلترا بعساكر قليلة, فنزل في "درتموت" ولم يمض إلا أيام قلائل حتى صار عنده ٦٠ ألف مقاتل ونيف لأن الشعب كان يحبه كثيراً فتقدم إلى الشمال, وكان تقدمة سبباً لانحلال عزائم الجنود الملكية فهرب إدوارد إلى هولاندة سنة ١٤٧٠ م, وأخرج خصمة من القصر الذي كان محبوساً فيه, فسمع الناس في أزقة لندن وشوارعها تضج مرة أخرى بذكر اسمه والتأم المجلس العالي بأمر الملك الجديد فحكم فيه على "إدوارد" بأنه غاصب وصادف المتحزبون له إهانة واحتقاراً نقضت كل الأعمال التي جرت في أيامه وكانت سطوة "مرغريتا" في الشعب الإنكليزي نافذة, وأحزابها كثيرون, وكلما أرادت الثورة تجد من يساعدها وآلت على نفسها أن لا تدع إنكلترا في راحة ما دامت على قيد الحياة, ولذلك صارت تلقي الدسائس والفتن, وكلما سمعت بثورة كانت أول من بادر إليها إلا أن دوق برغنديا كان يساعد "إدوارد" سراً فجمع "إدوارد" جيشاً من الفلمنك في مدة قصيرة, وسار بهم إلى "رافنسبور" وتقدم إلى داخلية البلاد متظاهراً أنه لم يأت إنكلترا إلا للحصول على الأملاك التي ورثها من آبائه.
وكان يوصي رجاله بأن يصرخوا قائلين: فليعش الملك هنري إلى أن وردت إليه نجدات كافية لمقاتلة أعدائه فجاهر بالعدوان, والتقت العساكر في برنت في ١٤ نيسان (أبريل) سنة ١٤٧١ م فدارت الدائرة على اللنكستريين, وقتل "ورويك" فاستولى "إدوارد" على لندن مرة ثانية, وقبض على "هنري" أيضاً وأرجعه إلى الحبس. وفي تلك الأثناء خرجت "مرغريتا" من فرنسا وأتت إنكلترا مع ولدها "إدوارد" وكان له من العمر ١٨ سنة, فنزلت في "ويموت" بجيش فرنسوي في نفس النهار الذي جرت فيه موقعة برنت وحدث بينها وبين دوق "سر مرنت" قتال في "تيوكسبري" في ٤ أيار (مارس) سنة ١٤٧١ م, فانكسرت جنودها وقتل ابنها, وأسرت هي. فبقيت في الأسر خمسة سنين إلى أن افتداها ملك فرنسا. أما زوجها الملك "هنري"