خرجت بنات المدينة يستقين ماء وقال: إن الفتاة التي أقول لها ناوليني جرتك لأشرب فتقول: وأنا أسقي جمالك أيضا هي التي عينها الإله لعبده إسحاق، وإذ كان لم ينته كلامه خرجت رفقة التي ولدت ل "بتوئيل" ابن ملكة امرأة نحور أخي إبراهيم وجرتها على كتفها، وكانت الفتاة حسنة المنظر جدا عذراء، فنزلت إلى العين وملأت جرتها وطلعت، فرض العبد للقائها وقال: اسقيني قليل ماء من جرتك. فقالت: اشرب يا سيدي وأسرعت وأنزلت جرتها على يدها وسقته، ولما فرغت من سقيه، قالت: أتسق لجمالك أيضا حتى تفرغ من الشرب فأسرعت وأفرغن جرتها في المستقاة وركضت أيضا على البئر لتستقي فاستقت لكل جماله والرجل يتفرس فيها طامعا ليعلم أنجح الله طريقة أم لا وحدث عندما فرغن الجمال من الشرب أن الرجل أخذ خزامة ذهب وأنها نصف شاقل، وأعطاها إياها مع سوارين وزنهما عشرة شواقل ذهب.
وقال: بنت من أنت أخبريني، وهل عند أبيك مكان لنا لنبيت؟ فقالت له: أنا بنت "بتوئيل" ابنة ملكة وعندنا كل ما تشتهي من القرى فخر الرجل وسجد لله تعالى وقال: تبارك الله الذي لم يمنع لطفه وحقه عن سيدي إذ كنت أنا في الطريق هداني إلى بيت أخوة سيدي، فركضت الفتاة وأخبرته أبويها عن هذه الأمور، فجاء "لابان" أخوها إلى الرجل وهو واقف عند الجمال على العين فقال: ادخل يا مبارك لماذا تقف خارجا وأنا قد هيأت البيت ومكانا للجمال. فدخل الرجل البيت وحل عن الجمل، فأعطي تبنا وعلفا للجمال، وماء لغسل رجليه، وأرجل الرجال الذين معه، ووضع أمامه الطعام ليأكل فقال: لا آكل حتى أتكلن كلامي. فقال: تكلم. فقال: أنا عبد إبراهيم وإن الله قد أكرم مولاي جدا، فصار عظيما وأعطاه غنما وبقرا وفضة وذهبا، وعبيدا وإماء، وجملا وحميرا، وولدت سارة امرأته ولدا له أعطاه كل ماله واستحلفني سيدي بقوله لي: لا تأخذ زوجة لابني من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكن في أرضهم بل تذهب إلى بيت أبي وعشيرتي وتأخذ منهم زوجة لولدي.
ثم قص عليهم ما جرى له مع رفقة عند العين، ثم قال: إني أحمد الله الذي هداني في طريق أمين لأخذ ابنة أخ سيدي لابنه والآن إن كنتم تصنعون معروفا وأمانة مع سيدي فأعطوني ما طلبت وإلا فأنصرف يمينا أو شمالا فأجاب "لابان" و"بتوئيل" وقالا: من عند الله خرج الأمر لا نقدر أن نكلمك بشر أو بخير، هذه رفقة أمامك خذها واذهب فلتكن زوجة لابن سيدك كما أمر الله فسجد العبد للأرض وأخرج فضة وذهبا وثيابا وأعطاها لرفقة، وأعطى تحفا لأخيها وأمها، وسألوها: هل تذهبين مع هذا الرجل؟ قالت: اذهب. فأخذها ومضى وسارت معها حاضنتها بعد أن ودعوا رفقة وقالوا لها: أنت بنتنا وأختنا مهما بعدت عنا.
وجاء في التوراة ما يستفاد منه أن إسحاق أحب رفقة لا، ها كانت جميلة وصنيعة طائعة لطيفة. ولما مضى عليها تسع عشرة سنة وهي عاقر صلى إسحاق لله ودعاه لأجلها فحبلت وكان في بطنها توأمان وأحبت رفقة يعقوب ولدها الثاني ولما صار إسحاق هرما من مجاعة إلى الأرض الفلسطينية بات محفوفا بخطر من جمال زوجته رفقة كما سمعت إسحاق يقول ليعصوا بكرة: ائتني بعنز واصنع لي أطعمة لآكل وأدعو لك قبل وفاتي قالت ليعقوب: اذهب إلى الغنم وخذ لي من هناك جديين من المعز فاصنع لهما أطعمة لأبيك كما يحب فتحضرها إليه ليأكل حتى يدعو لك قبل وفاته، فقال إن عيصو أشعر وأنا أملس فربما جسني فأجلب على نفسي لعنة لا بركة. فقالت له: لعنتك علي يا ابني، فأجابها فألبسته ثياب عيصو الفاخرة وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جدي المعز فنال يعقوب البركة فلما أخبرت بأن عيصو توعد يعقوب بالقتل بعد