أوامري؟ فقال أحدهم: ليس إلى الملك وحده أساءت بل إساءتها عمت جميع الرؤساء وجميع الشعوب الذين في كل بلدان الملك، وسوف يبلغ خبرها إلى جميع النساء حتى يحتقرن أزواجهن في أعينهن عندما يقال: إن الملك "أحشويروش" أمر أن يؤتى بالملكة "وشتى" إلى أمامه فلم تأت، فإن رأى الملك فليكتب أمرا من عنده أن لا تأتي " وشتى" مطلقا، وليعط ملكها لمن هي أحسن منها فرأى الملك والرؤساء ذلك صوابا فأرسل كتبا إلى كل بلدانه يخبرهم بذلك.
وبعدما خمد غضب الملك "أحشويروش" قيل له: فليطلب الملك فتيات عذارى حسنات المنظر ويوكل وكلاء في كل بلاده ليجمعوهن بشوشن القصر ويعين عليهن خصيا، ويرتب لهن لوازمهن مما يحتجن إليه وبعد ذلك يختار منهن التي توافقه ويملكها مكان "وشتى" فرأى ذلك حسنا فأمر بجمع البنات حتى اجتمع عنده منهن شيء كثير فلما سمع "مردخاي" مربي "إستير" أمر الملك وقد اجتمعت فتيات كثيرات إلى شوشن القصر أخذ "إستير" إلى بيت الملك وسلمها إلى حارس النساء فلما نظرها الحارس استحسنها ونالت نعمة بين يديه فبادرها بأدهان عطرها بها ونقلها إلى أحسن مكان في بيت النساء ولم تخبر "إستير" عن شعبها وجنسها لأن "مردخاي" أوصاها بذلك واستمرت "إستير" مقيمة إلى أن بلغت نوبتها للدخول إلى الملك بعد أن أقامت اثني عشر شهرا لأنه هكذا كانت تكمل أيام تعطرهن ستة أشهر بزيت المر وستة أشهر بالطياب، فلما دخلت عليه ونظرها أحبها أكثر من جميع النساء ووجدت نعمة وإحسانا أمامه أحسن من جميع العذارى فوضع التاج على رأسها وملكها مكان "وشتى" وعمل وليمة عظيمة لجميع رؤسائه وعبيده ودعاها وليمة "إستير" وأعطى عطايا حسب كرم الملوك.
وفي تلك الأيام بينما "مردخاي" جالسا في باب الملك إذ علم بفتيين ورئيس الخصيان في دار الملك أرادا أن يغتالاه فعلم الأمر عند "مردخاي" فأخبر "إستير" وهي أخبرت الملك باسم "مردخاي" ففحص عن الأمر فوده حقيقيا، فأمر بصلبهما فصلب كل منهما على خشبة وازداد اعتبار "مردخاي" في عيني الملك وقربه منه قربا عظيما، وبعد هذه الأمور قدم الملك "أحشويروش" وزيره "هامان" وجعل كرسيه فوق جميع الرؤساء الذين معه فكان كل من بباب الملك يسجد ل"هامان"، كنا أوصى به الملك.
وأما "مردخاي" فلم يسجد له فقال عبيد الملك الذين ببابه لمردخاي: لماذا تتعدى أمر الملك ولم تسجد ل"هامان" فقال: لا أسجد لغير الملك وإني أعلم ما لا تعلمون فأخبروا "هامان" بذلك وأعلموه بأنه يهودي، ولما رأى هامان ذلك امتلأ غضبا وأسر في نفسه على إهلاك "مردخاي" وشعبه ولما أمكنته الفرصة قال للملك: إنه موجود شعب متشتت ومتفرق بين الشعوب في كل بلاد مملكتك وسنتهم مغايرة لجميع الشعوب وهم لا يعلمون بسنن الملك فلا يليق بالملك تركهم فإذا رأى الملك فليكتب بأن يبادروا وأنا أزن عشرة آلاف وزن من الفضة تعطى للذين يعملون العمل من مالي الخاص، فلما سمع الملك كلامه نزع الخاتم من يده وأعطاه لهامان وقال له: الفضة قد أعطيت لك من الخزينة الملكية والشعب أيضا تفعل به ما تريد، فاستدعى بالكتاب وكتب إلى جميع عمال البلاد يأمرهم بإبادة جميع اليهود من الطفل إلى الشيخ وأن يسلبوا أموالهم غنيمة وختم الكتب بختم الملك وسلمها إلى السعاة وخرجت بها ولما علم مردخاي كل ما عمل شق ثيابه ولبس مسحا برماد وخرج إلى وسط المدينة وصرخ صرخة عظيمة وجاء إلى باب الملك وكانت مناحة عظيمة عند اليهود وصياح وبكاء ونحيب.
فلما رأى جواري إستير ذلك دخلن عليها وأخبرنها فاغتمت غما شديدا وأرسلت ثيابا لمردخاي لأجل نزع مسحه عنه فلم يقبل فدعت إستير واحدا من خدامها وأمرته أن يذهب إلى مردخاي ويأتيها بالسبب فذهب الخادم إليه وأخبره مردخاي بكل ما أصابه وأعطاه صورة الكتب التي صدرت من الملك لجميع الجهات لكي يريها لإستير ويخبرها ويوصيها أن تدخل إلى الملك وتتضرع إليه وتطلب منه العفو عن شعبها فرجع الخادم إلى إستير وأخبرها بكلام