ومن أشعاره أيضاً فيها قصيدته التيأولها:
من لقلب أمسى رهينا معنى ... مستكينا قد شفه ما أجنا
إثر شخص نفسي فدت ذاك شخصا ... نازج الدار بالمدينة عنا
ليت حظي كطرفة العين منها ... وكثير منها القليل المهنا
ونقل صاحب الأغاني قال: بينما عمر بن أبي ربيعة يطوف بالبيت إذ رأى عائشة بنت طلحة وكانت أجمل أهل دهرها، وهي تريد الركن تستلمه، فهبت لها رآها ورأته، وعلمت أنها قد وقعت في نفسه. فبعثت إليه بجارية لها وقالت: قولي له اتق الله، ولا تقل هجرا فإن هذا مقام لا بد فيه مما رأيت. فقال للجاري: أقرئيها السلام وقولي لها: ابن عمك لا يقول إلا خيرا، وقال فيها:
لعائشة ابنة التميمي عندي ... حمى في القلب ما يرعى حماها
يذكرني ابنة التيمي ظبي ... يرود بروضة سهل رباها
فقلت له وكاد يراع قلبي ... فلم أرقط كاليوم اشتباها
سوى خمش بساقك مستبين ... وأن شواك لم يشبه شواها
وأنك عاطل عار وليست ... بعارية ولا عطل يداها
وأنك غير أقزع وهي تدني ... على المتنين أسحم قد كساها
ولو قعدت ولم تكلف بود ... سوى ما قد كلفت به كفاها
أظل إذا أكلمها كأني ... أكلم حية غلبت رقاها
تبيت إلي بعد النوم تسري ... وقد أمسيت لا أخشى سواها
وقال فيها أشعارا كثيرة، فبلغ ذلك فتيان بني تيم أبلغهم إياه فتى منهم وقال لهم: يا بني تيم بن مرة ها والله ليقذفن بنو مخزوم بناتنا بالعظائم وتغفلون، فمشى ولد أبي بكر وولد طلحة بن عبيد الله إلى عمر بن أبي ربيعة، فأعلموه بذلك وأخبروه بما بلغهم فقال لهم: والله لا أذكرها في شعر أبدا، ثم قال بعد ذلك فيها وكنى عن اسمها قصيدته التي أولها:
يا أم طلحة إن البين قد أفدا ... قل الثواء لئن كان الرحيل غدا
أمسى العراقي لا يدري إذا برزت ... من ذا تطوف بالأركان أو سجدا
ولم يزل عمر يتشبب بعائشة أيام الحج ويطوف حولها ويتعرض لها وهي تكره أن يرى وجهها حتى وافقها وهي ترمي الجمار سافرة فنظر إليها فقالت: أما والله لقد كنت لهذا منك كارهة يا فاسق. فقال:
إني واوا ما كلفت بذكرها ... عجب وهل في الحي من متعجب
نعت النساء فقلت لست بمبصر ... شبها لها أبدا ولا بمقرب
فمكثن حينا ثم قلن توجهت ... للحج موعدها لقاء الأخشب
أقبلت أنظر ما زعمن وقلن لي ... والقلب بين مصدق ومكذب
فلقيتها تمشي تهادي موهنا ... ترمي الجمار عشية في موكب
غراء يغشي الناظرين بياضها ... حوراء في غلواء عيش معجب
إن التي من أرضها وسمائها ... جلبت لحينك ليتها لم تجلب