للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت السيدة "ص": إذن عزمت أن اشترى بالخمس عشرة ليرة التي سأنفقها على إصلاح ثوبي للسنة الماضية قماشا وطنيا وأخيطه على الزي.

قالت السيدة "ن": ما المانع من أن تخيطيه على الطرز التركي.

قالت لها: أي طرز تعنين؟ أمثل ثوبك الذي تلبسينه الآن -يعني ثوب الغرفة وثوب الصباح- فإن هذا لما أنه يسمى العلوي أيقال عنه إنه طرز تركي؟ قالت السيدة "ن": إن ثوب الغرفة (روب دي شامير) إنما يكتسى به في الغرف بمعنى أنه لا يمكن الظهور به أمام الناس والقصد منه أن يحصل المرء على راحته, وثوب الصباح يكتسى به لكي يكون الإنسان مرتاحا في وقت الصباح أي إنه بعكس ثوب الغرفة أما نحن فإنه يمكننا أن نلبس أيا شئنا منهما قصد الحصول على الراحة في جميع الأوقات.

فقلت لها: إن السيدة "ص": يميل قلبها إلى الأزياء الإفرنجية فتخيطها كما تريد, وأنت أيتها السيدة تميلين إلى الزي التركي وهكذا تفعلين, أما أنا فلأنني لا أكره الطرزين ترينني أخيطها أحيانا على الزي الإفرنجي وأوقاتاً على الطرز التركي حسب ما تميل إليه نفسي, ولقد قلت: إنه بما أننا لم نخرج عن عاداتنا لذلك لا نعرض أنفسنا للهزء, على أنه متى أردنا أن نكتسي على الطرز الإفرنجي ولا شك أن حريتنا في مسائل الكسوة إنما هي نعمة مخصوصة والخلاصة أقول وأرجو أن لا يصعب عليكما مقالي إنني لا أذهب مذهب إحداكما من جهة التمسك بالتقاليد الإفرنجية ما أقيد نفسي فيها تقييدا, ولا أرد بعض الفوائد التي تشاهد في الألبسة الإفرنجية تعصبا للعادات التركية إذ إنه لا ينكر أن الأزياء قد أتت بفائدة أخصها منع جر الأذيال.

قالت السيدة "ن": إن الأزياء تختلف كثيرا فلا تستقر على حال فيبينا تكون على النسق الفلاني إذ انتقلت إلى طرز آخر وبينا تكون ضيقة على الحقوين إذ تنفرج عنهما وبينا يجب أن تكون بسيطة للغاية إذ تتغير تغيرا مطلقا، ثم ترين أيضا أن زي الأذيال قد عاد تكرارا. فقلت لها: نحن، يجب علينا أن نتبع الأزياء التي تعجبنا ونرضاها فالتي نراها غير ملائمة في ذاك الوقت يلزمنا أن ننبذها ظهريا. وفي تلك الأثناء دخلت علينا سيدة مسنة فقالت: آه من فتيات هذا الزمان أرى أنهن لا يزلن مكتسيات بألبسة النوم حتى أنهن لم يسرحن شعورهن أيضا وا أسفاه عليهن من مسكينات إنني لما كنت مثلكن لم أكن أعرف المحل الذي أطؤه.

فقلت لها: ألم تكوني تفتكرين بأي إنسان؟ قالت العجوز: كلا، يا روحي لا أقصد ذلك مما قلت وإنما قصدت فيما ذكرت مجرد المزاح لا غير ولعمري إنني إلى مثل هذه الساعة لم أكن أقف في محل معلوم بل كنت ألبس ثيابي وأطير ركضا.

قالت السيدة "ص": هل لك أن تنبئينا كيف كانت كسوتك في أيام صباك؟ قالت: عند النهوض من الرقاد كنت أقف أمام المرآة فأربط عصابتي - المسماة (حوطوز) - وألبس ثيابي التي كانت مفتوحة تماما على الصدر.

قالت السيدة "ص": هل كان الثوب المفتوح من الصدر موجودا في ذلك الزمان إذن يفهم مما قلت إن هذا الزي كان هو الزي الدارج في العصر السابق.

<<  <   >  >>