للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خارجها؛ إعمالاً للأصل السابق وهو الطهارة، وإطراحاً للشك الطارئ (١).

قال النووي -رحمه الله- بعد ذِكر حديث عبد الله بن زيد: «هذا الحديث: أصل من أصول الاسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الاشياء يُحكم ببقائها على أصولها؛ حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها.

فمن ذلك: مسألة الباب التي ورد فيها الحديث، وهي أن مَنْ تيقن الطهارة وشك في الحدث، حُكم ببقائه على الطهارة، ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف» (٢).

نُوقش: بأن هذا خاص بالمستنكِح (٣)؛ لأنه قال فيه: شُكي إليه، وهذا لا يكون إلا ممن يكون ذلك عليه كثيراً (٤)، وغير المستنكِح يجب عليه الوضوء.

أُجيب عنه: بأنه جاء ما يدل على التعميم، وهو حديث أبي هريرة بلفظ: (إذا وجد أحدكم) (٥).

الدليل الثالث: أنه إذا شك وتعارض عنده الأمران، فيجب سقوطهما: كالبينتين إذا تعارضتا، ويرجع إلى التيقن (٦).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: القياس على الشك في الصلاة؛ لأن مَنْ شكَّ: أصلى ركعتين أم ثلاثاً،


(١) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٤/ ٤٩)، شرح العمدة لابن تيمية- كتاب الطهارة (ص: ٣٤٥)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٤/ ٤٤).
(٢) المنهاج شرح صحيح مسلم (٤/ ٤٩).
(٣) المستنكِح: بكسر الكاف أي ملازم كثيرا، وهو تفسير باللازم؛ لأن المستنكح معناه القاهر للشخص ومعلوم أنه لا يكون قاهرا للشخص إلا إذا لازمه كثيرا. يُنظر: حاشية الدسوقي (١/ ٧١). وهو أحد قسمي الشاكِّ عند المالكية، وهو الذى يعتري الشك صاحبه كثيراً، والقسم الثاني: هو الشك غير المستنكِح، جاء في المدونة (١/ ١٢٢): «قلت لابن القاسم: أرأيت مَنْ توضأ، فأيقن بالوضوء، ثم شك بعد ذلك، فلم يدرِ: أحدث أم لا، وهو شاك في الحدث؟ قال: إن كان ذلك يستنكحه كثيراً فهو على وضوئه، وإن كان لا يستنكحه فليُعِد وضوءه، وهو قول مالك، وكذلك كل مستنكِح مُبتلى في الوضوء والصلاة».
(٤) يُنظر: المفهم (١/ ٦٠٨).
(٥) يُنظر: شرح سنن أبي داود، لابن رسلان (٢/ ٢٠٤).
(٦) يُنظر: المغني (١/ ١٤٥)، كشاف القناع (١/ ١٣٢).

<<  <   >  >>