للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لغيرهم وهم أقل تقوى منهم» (١).

الدليل الخامس: عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: ((لَا يَحِلُّ خَلٌّ مِنْ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يَكُونَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَفَسَدَهَا)) (٢)، وهذا قول يَشْتَهِرُ؛ لأنه خطب به الناس على المنبر ولم ينكره الصحابة (٣).

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «فهذا عُمر ينهى عن خل الخمر التي قُصد إفسادها، ويأذن فيما بدأ الله بإفسادها، … وفي قول عُمر حجة على جميع الأقوال» (٤).

نُوقش: بأن عمر إنما نهى عن ذلك على طريق السياسة للزجر (٥).

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بالكراهة بأحاديث النهي عن التخليل التي استدل بها القائلون بالتحريم.

وجه الاستدلال: أن النهي في الأحاديث يُحمل على الكراهة والتنزيه، وذلك حماية وسداً لذريعة توصل الناس إلى شربها؛ لأن مَنْ يتخذ الخمر للتخليل يُتهم، فليس المراد أنَّها تكون حرامًا إن فعل (٦).

أُجيب عنه: بأن ظاهر النهي للتحريم لا للتنزيه، ولو كان لا يحرم إن فُعل لم تَجُزْ إراقتها، بل كان أرشدهم إليه، سيما وهي لأيتام يحرم التفريط في أموالهم (٧).

أدلة القول الثالث:


(١) الفتاوى الكبرى (١/ ٣٠٨) باختصار.
(٢) أخرجه عبد الرزاق، كتاب الأشربة، باب الخمر يُجعل خلاً (٩/ ٢٥٣) برقم: (١٧١١٠)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الرهن، باب العصير المرهون يصير خمراً، فيخرج من الرهن، ولا يحل تخليل الخمر بعمل آدمي (١١/ ٤٤٠) برقم: (١١٣١٢). صححه زكريا غلام في (ما صح من آثار الصحابة في الفقه) (٣/ ١١٥٩).
(٣) يُنظر: الحاوي الكبير (٦/ ١١٣)، المغني (٩/ ١٧٣).
(٤) الفتاوى الكبرى (١/ ٣٠٨).
(٥) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (٢٤/ ٢٤).
(٦) يُنظر: التبصرة (٤/ ١٦٢٣)، بداية المجتهد (٣/ ٢٨).
(٧) يُنظر: المغني (٩/ ١٧٢)، المجموع (٢/ ٥٧٥)، شرح المصابيح، لابن الملك (٤/ ٢٣٦).

<<  <   >  >>