للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: قول الله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (١).

وجه الاستدلال: أنه جاء في التفسير عن بعض السلف أن الرزق الحسن: هو الخل (٢)، فإذا كان الخل مما أُبيح في هذه الآية، فيكون ذلك عموماً في كل خَلٍّ إلا أن يقوم الدليل على تخصيص شيء منه (٣).

نُوقش: بأن ظاهر الآية التنبيه على ما أنعم به علينا مما يتخذه من نفس ثمرات النخيل والأعناب، لا فيما يكون يُتخذ منها بواسطة، وهو التخليل (٤).

الدليل الثاني: عن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((نِعْمَ الْأُدُمُ (٥) -أَوِ: الْإِدَامُ- الْخَلُّ)) (٦).

وجه الاستدلال: أنه -صلى الله عليه وسلم- امتدح الخل، ولم يفرق بين الخل المتخَذ من الخمر وغيره، فهو على عمومه في الجميع (٧).

نُوقش: بأن قوله: (نِعم) لفظ تفضيل وتشريف، وما كان مختلفاً في إباحته لا يستحق التفضيل والتشريف، وتخليل الخمر مُختلَف فيه: فلم يَجُزْ أن يكون داخلاً في عموم لفظ ينافيه (٨)، وحديث أنس يخرج التخليل بفعل الآدمي من العموم.

الدليل الثالث: عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَا أَقْفَرَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ أُدْمٍ فِيهِ خَلٌّ، وَخَيْرُ خَلِّكُمْ خَلُّ خَمْرِكُمْ)) (٩).


(١) سورة النحل: الآية (٦٧).
(٢) يُنظر: تفسير البغوي (٥/ ٢٨)، تفسير القرطبي (١٠/ ١٢٨).
(٣) يُنظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (٦/ ٣٨٧).
(٤) يُنظر: شرح التلقين (٣/ ٢/ ٣٦٠).
(٥) الأدم والإدام: ما يؤتدم به، وهو ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان. يُنظر: الصحاح (٥/ ١٨٥٩)، النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٣١).
(٦) أخرجه مسلم، كتاب الأشربة، باب فضيلة الخل والتأدُّم به (٣/ ١٦٢١) برقم: (٢٠٥١).
(٧) يُنظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (٦/ ٣٨٨).
(٨) يُنظر: الحاوي الكبير (٦/ ١١٤).
(٩) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الرهن، باب ذِكر الخبر الذي ورد في خل الخمر (١١/ ٤٤١) برقم: (١١٣١٤)، قال ابن حجر في (التلخيص الحبير) (٣/ ٩٣): «في سنده المغيرة بن زياد، وهو صاحب مناكير، وقد وُثِّق، والراوي عنه حسن بن قتيبة، قال الدارقطني: متروك، وزعم الصاغاني أنه موضوع، وتعقبتُه عليه، وقال ابن الجوزي في التحقيق: لا أصل له».

<<  <   >  >>