للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- امتدح الخل، وهو عام يتناول جميع ما يُطلق عليه اسم الخل؛ لأنه لم يفصل بين خل وخل (١).

نُوقش من وجهين:

الأول: أن الحديث ضعيف، فلا يُحتج به.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «هذا الكلام لم يقله النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومَن نقله عنه فقد أخطأ، ولكن هو كلام صحيح؛ فإن خل الخمر لا يكون فيها ماء» (٢).

الثاني: أن أهل الحجاز يسمون خل العنب: خل الخمر، وإن صح الحديث فإنه يُحمل على الخل الذي تخلل بنفسه (٣).

الدليل الرابع: عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّ الدِّبَاغَ يُحِلُّ مِنَ الْمَيْتَةِ كَمَا يُحِلُّ الْخَلُّ مِنَ الْخَمْرِ)) (٤).

وجه الاستدلال: أن في الحديث دليلاً على جواز التخليل؛ لأنه شبَّهه بدباغ جلد الميتة، وهو محرم يُستباح بالاستصلاح بالدباغ، فيُقاس عليه تخليل الخمر وإصلاح الخمر بإزالة صفة الخمرية عنه، والتخليل إزالة لصفة الخمرية، فهو إصلاح له كالدباغ (٥).

نُوقش من ثلاثة أوجه:

الأول: أن الحديث ضعيف، وقد تبيَّن في التخريج، فلا يُحتج به.

الثاني: أن هذا قياس لا يصح، وإنما يجوز القياس مع عدم النص، ودباغ جلد الميتة إنما يُستباح بفعل غير محظور، بل مأذون فيه بنص من السنة، وأما التخليل: فهو محظور بنص من السنة، فلم يَجُزْ أن يُستباح به الخل، فالواجب علينا متابعة النص وترك قياس أحدهما على الآخر (٦).


(١) يُنظر: الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٠١)، تبيين الحقائق (٦/ ٤٨).
(٢) الفتاوى الكبرى (١/ ٣٠٩).
(٣) يُنظر: الحاوي الكبير (٦/ ١١٤).
(٤) سبق تخريجه ص: (٢١٩).
(٥) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (٢٤/ ٢٣).
(٦) يُنظر: معالم السنن (٤/ ٢٦٤)، الحاوي الكبير (٦/ ١١٤).

<<  <   >  >>