للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: ((أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا نَهَضَ فِي الصَّلَاةِ)) (١).

وجه الاستدلال: أن الحديث يدل على النهي عن الاتكاء على اليدين حال النهوض، بل ينهض على صدور قدميه من غير اعتماد على الأرض (٢)، والنهي محمول على الكراهة؛ لدلالة فِعله -صلى الله عليه وسلم- سيأتي عند ذكر أدلة القول الثاني-، وحُمل على بيان الجواز أو على حالة الكِبَر والضعف (٣).

نُوقش: بأن حديث النهي ضعيف (٤).

يمكن أن يُجاب عنه: بأن الحديث يتقوَّى بشواهده كما تبين في التخريج، ويؤيده أن عليه العمل عند أهل العلم.

«لا شك أن الرواية إذا كثرت تنتقل من الضعف إلى القوة، كيف وقد حسن الترمذي الحديث الذي في الأصل (يقصد: حديث وائل)، وصححه الحاكم، وابن حبان» (٥).

الدليل الثالث: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ((كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ)) (٦).

وجه الاستدلال: أن في قوله: (عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ) إشارة إلى أنه لا يعتمد بيديه على الأرض عند قيامه كما لا يعتمد على جالس بين يديه، والمعنى: أنه اعتماد من غير


(١) سبق تخريجه: ص (٤٤٥).
(٢) يُنظر: المفاتيح في شرح المصابيح (٢/ ١٥٩)، مرقاة المفاتيح (٢/ ٧٣٦).
(٣) يُنظر: فتح الباري، لابن رجب (٧/ ٢٩٢)، مرقاة المفاتيح (٢/ ٧٣٦).
(٤) يُنظر: المجموع (٣/ ٤٤٥)، أسنى المطالب (١/ ١٦٣).
(٥) قاله علي القاري -رحمه الله- في (مرقاة المفاتيح) (٢/ ٧٢٤).
(٦) أخرجه الترمذي، أبواب الصلاة، باب منه أيضاً (٢/ ٨٠) برقم: (٢٨٨)، وقال: «عليه العمل عند أهل العلم: يختارون أن ينهض الرجل في الصلاة على صدور قدميه، وخالد بن إياس ضعيف عند أهل الحديث»، وضعّف الحديث النووي في (المجموع) (٣/ ٤٤٥)، وقال الزيلعي في (نصب الراية) (١/ ٣٨٩): «رواه ابن عدي في الكامل، وأعله بخالد، وأسند تضعيفه عن: البخاري، والنسائي، وأحمد، وابن معين، قال: وهو مع ضعفه يكتب حديثه»، وللحديث شواهد تقويه، منها: حديث وائل، وما رُوي من فعل الصحابة -رضوان الله عليهم-.

<<  <   >  >>