للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(( … أو في نقع ماء (١) (٢).

وجه الاستدلال: يدل الحديث على أنه يحرم قضاء الحاجة في المواضع التي يَرِدها الناس للاستسقاء منها؛ لأنه ضرر عظيم بالمسلمين؛ إذ يعرضهم للتنجيس، ويمنعهم من حقوقهم في الماء، ولأن مَنْ فعلها شُتم ولُعن (٣).

الدليل الرابع: أن الماء إن كان قليلاً نجسه البول فيه، وإن كان كثيرا: فإن توارد البول عليه من البائلين يؤدي إلى تغيُّره وتقذيره، ويظن المار أنه تغير من قراره (٤).

نوقش: أن النهي عن البول في الماء الدائم لا يدل على أنه ينجس بمجرد البول؛ إذ ليس في اللفظ ما يدل على ذلك (٥).

أجيب عنه: أنه مع كثرة البائلين فيه قد يؤول إلى أن يتغير بالنجاسة فيصير نجسًا بالإجماع (٦)، وذلك إيذاء للناس بإفساد مياههم، إذ يمنعهم من الانتفاع به فيما يحتاجون إليه من شرب أو وضوء؛ فيُمنع سداً للذريعة ومراعاة لمصالح العباد (٧).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول والثاني: استدلوا بحديثي جابر وأبي هريرة اللذين استدل بهما القائلون بالتحريم.


(١) النَّقْعُ: محبس الماء، وكذلك ما اجتمع في البئر منه، والماء الناقع، هو المجتمع كمستنقع الماء، وهي الموارد المذكورة في حديث معاذ. يُنظر: الصحاح (٣/ ١٢٩٢)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١٠٨)، شرح العمدة، لابن تيمية -كتاب الطهارة (ص: ١٤٥)، فيض القدير (١/ ١٣٦).
(٢) أخرجه أحمد عن ابن عباس (٤/ ٤٤٨) برقم: (٢٧١٥). قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (١/ ٢٠٤): «فيه ابن لهيعة ورجل لم يُسمَّ»، وقال الألباني في (إرواء الغليل) (١/ ١٠١): «سنده حسن لولا الرجل الذى لم يسم»، وحديث معاذ السابق شاهد له.
(٣) يُنظر: المفهم (١/ ٥٢٤)، فيض القدير (١/ ١٣٦).
(٤) يُنظر: المغني (١/ ١٢٢)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٨٨)، مواهب الجليل (١/ ٢٧٦).
(٥) يُنظر: مجموع الفتاوى (٢١/ ٣٤).
(٦) نقل الإجماع جمع من العلماء، منهم: ابن المنذر في (الإجماع) (ص: ٤٣)، وابن حزم في (مراتب الإجماع) (ص: ١٩)، وابن عبد البر في (التمهيد) (١٩/ ١٦)، وابن تيمية في (مجموع الفتاوى) (٢١/ ٣٠).
(٧) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٨٨)، عون المعبود وحاشية ابن القيم (١/ ٨١).

<<  <   >  >>