للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: أن الله تعالى جعل الذهب والفضة قواماً للناس وأثماناً لمعايشهم وقِيماً للأشياء (١)، فاستعمالها في غير ذلك يُفقِدها القيمة.

سبب إيراد المسألة في البحث أنه ورد فيها قولٌ للإمام الشافعي -رحمه الله- في القديم بالكراهة.

وقد أورد النووي -رحمه الله- الردود على بطلان ذلك، ورجوع الشافعي عنه، قال: «وأما قول الشافعي القديم: فقال صاحب التقريب (٢): (إن سياق كلام الشافعي في القديم يدل على أنه أراد أن نفس الذهب والفضة الذي اتُخذ منه الإناء ليست حراماً، ولهذا لم يحرم الحُلي على المرأة) هذا كلام صاحب التقريب، وهو من متقدمي أصحابنا، وهو أتقنهم لنقل نصوص الشافعي، ولأن الشافعي رجع عن هذا القديم.

والصحيح عند أصحابنا وغيرهم من الأصوليين أن المجتهد إذا قال قولاً ثم رجع عنه، لا يبقي قولاً له، ولا يُنسب إليه، قالوا: وإنما يُذكر القديم وينسب إلى الشافعي مجازاً، وباسم ما كان عليه لا أنه قول له الآن، فحصل مما ذكرناه أن الإجماع منعقد على تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة» (٣).

وقال ابن حجر -رحمه الله-: «عن الشافعي في القديم … أن النهي فيه للتنزيه؛ لأن علته: ما فيه من التشبه بالأعاجم، ونص في الجديد على التحريم، ومن أصحابه مَنْ قطع به عنه، وهذا اللائق به؛ لثبوت الوعيد عليه بالنار كما سيأتي في الذي يليه، وإذا ثبت ما نُقل عنه فلعله كان قبل أن يبلغه الحديث المذكور» (٤).

ولدراسة القرينة الصارفة التي قيل بها في هذه المسألة ندرس قول الإمام


(١) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٦/ ٨١).
(٢) هو أبو شجاع، شهاب الدين الأصفهاني (٥٩٣ هـ).
(٣) المنهاج شرح صحيح مسلم (١٤/ ٢٩).
(٤) فتح الباري (١٠/ ٩٤).

<<  <   >  >>