للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توضأ ثم طاف بالبيت)) (١)؛ ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضي اللَّه عنها: ((افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) (٢).

وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفية فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول اللَّه إنها حاضت، فقال: ((أحابستنا هي؟)) قالت عائشة رضي اللَّه عنها: يا رسول اللَّه: إنها قد كانت أفاضت، وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ((فلتنفر [إذاً])) (٣)، وهذه الأدلة تبيِّن أن الطواف لا يصح إلا بالطهارة، قال شيخنا ابن باز رحمه اللَّه تعالى: ((الوضوء شرط في صحة الطواف في أصح قولي العلماء)) (٤). وقال في موضع آخر: ((لا يصح الطواف بغير طهارة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يطوف توضأ، وقد قال: ((خذوا عني مناسككم)) (٥))) (٦).

وهذه الأدلة المذكورة صريحة في أن الطهارة شرط (٧) لصحة


(١) متفق عليه: البخاري، برقم ١٦٤١، ومسلم، برقم ١٢٣٥، وتقدم تخريجه في صفة دخول مكة.
(٢) متفق عليه: البخاري برقم ١٦٥٠، ومسلم، برقم ١٢٠ - (١٢١١)، وتقدم تخريجه في صفة دخول مكة.
(٣) متفق عليه: البخاري، برقم ١٧٣٣، ومسلم، برقم ١٢١١، وتقدم تخريجه في أركان الحج.
(٤) مجموع فتاوى ابن باز، ١٦/ ١٣٦.
(٥) مسلم، برقم ١٢٩٧، بلفظ: ((لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)). وهذا اللفظ في المتن للبيهقي، ٥/ ١٢٥.
(٦) مجموع فتاوى ابن باز، ١٦/ ١٥٠ - ١٥١، وانظر: مجموع فتاوى ابن باز، ١٠/ ١٤٢، ١٦٠، ١٦/ ١٣٦، ١٤٠، ١٥١، ١٧/ ٦٤، ٢١٣ - ٢٢٩، ٣٢٨، ٢٩/ ١١٧.
(٧) وإذا تيقَّن الحدث وشك في الطهارة وهو في الطواف بنى على ما تيقَّنه فلم يصح طوافه، أما إذا تيقَّن الطهارة وشك في الحدث فكذلك يبني على ما تيقنه، فهو على طهارة، كالصلاة، وأما بعد الطواف فإذا حصل له شك فلا يضره؛ لأن الشك في شرط العبادة بعد الفراغ منها لا يؤثر، وهذه قاعدة عظيمة وهي استصحاب الحال المعلوم وإطراح الشك؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي يُخيَّل إليه أنه يجد الشيء في صلاته: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) [البخاري، برقم ١٣٧، ومسلم، برقم ٣٦١]. [وانظر: المغني لابن قدامة، ٥/ ٢٢٤، وشرح العمدة لابن تيمية، كتاب الطهارة، ص ٨٣، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، ٩/ ١١٥، وصلاة المؤمن للمؤلف، ١/ ١٩].

<<  <   >  >>