للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب اللَّه (١)، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟))، قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت، فقال بإصبعه السبَّابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: ((اللَّهم اشهد، اللَّهم اشهد)) ثلاث مرات ثم أذَّن، ثم أقام، فصلَّى الظهر، ثم أقام فصلَّى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيئاً ... )) (٢)، وقد كان في الموقف جمٌّ غفير لا يُحصي عددهم إلا اللَّه تعالى (٣).

وعَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْمُخَضْرَمَةِ (٤) بِعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: ((أَتَدْرُونَ أَيّ يَوْمٍ هَذَا، وَأَيَّ شَهْرٍ هَذَا، وَأَيَّ بَلَدٍ هَذَا؟) قَالُوا: هَذَا بَلَدٌ حَرَامٌ، وَشَهْرٌ حَرَامٌ، وَيَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: ((أَلَا وَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ وَدِمَاءَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ؛ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي يَوْمِكُمْ هَذَا، أَلَا وَإِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَأُكَاثِرُ بِكُمْ الْأُمَمَ، فَلَا تُسَوِّدُوا وَجْهِي، ألَا وَإِنِّي مُسْتَنْقِذٌ أُنَاسًا، وَمُسْتَنْقَذٌ مِنِّي أُنَاسٌ، فَأَقُولُ:


(١) والمعنى قد تركت فيكم أمراً لن تخطئوا إن تمسكتم به في الاعتقاد والعمل، وهو كتاب اللَّه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وسكت عن السنة؛ لأن القرآن هو الأصل في الدين، أو لأن القرآن أمر باتباع السنة كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُولِ} [النساء، الآية: ٥٩]، وقال:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر، الآية: ٧]. انظر: فتح الملك المعبود، ٢/ ٢٠، وقد جاء عند الحاكم من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما الوصية بـ (( ... كتاب اللَّه وسنة نبيه ... ))، وصححه الألباني في صحيح الترغيب، برقم ٣٦.
(٢) أخرجه مسلم، في كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم ١٢١٨.
(٣) قيل: مائة وثلاثون ألفاً. انظر: فتح الملك المعبود، ٢/ ١٠٥.
(٤) المخضرمة: من خضرم، كدحرج، أي: قطع طرف أذنها.

<<  <   >  >>