«قال الشيخ الإمام بدر الدين بن حبيب: سنة خمس وخمسين وسبعمائة؛ توفّى الإمام فخر الدين أبو طالب أحمد بن على بن أحمد الكوفىّ البغدادىّ، الشهير بابن الفصيح، الحنفىّ. عالم حلت عبارته، وعلت إشارته، ولطفت معانى ذاته، وعذبت مذاقة نباته، وحسنت أخلاقه، ورقمت بالتّبر أوراقه. تصدّى لمعرفة العلوم الأدبية، وتصدّر ببغداد لإقراء العربيّة، ومهر فى حلّ المشكلات والغوامض، ونظم «الكنز» فى الفقه و «السّراجيّة» فى الفرائض. ثم قدم إلى دمشق فدرّس وأعاد، وجلس للإفادة مبلّغا طلبة العلم غاية المراد. وهو القائل: أمرّ سواكه من فوق درّ … وناولنيه وهو أحبّ عندى فذقت رضابه ما بين ندّ … وخمر مسكر مزجا بشهد وقال: زار الحبيب فحيّا … يا حسن ذاك المحيّا من صدّه كنت ميتا … من وصله عدت حيّا وكتب إليه الأستاذ أبو حيّان الأندلسىّ، لما قدم دمشق، هذه الأبيات: شرف الشام واستنارت رباه … بإمام الأئمّة ابن الفصيح كل يوم له دروس علوم … بلسان عذب وفكر صحيح وذكره ابن الخطيب، فينظر».