أَنَّهُ وُلِدَ بِقَرْيَةٍ تُدْعَى «لَالُشَ» بِضَمِّ اللَّامِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، مِنْ قُرَى الْهَكَّارِيَّةِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَوْصِلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَرَدَ إِرْبِلَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ الحادثة وَقَعَتْ مِنْ أَصْحَابِهِمْ، وَهِيَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا عَنْهُمْ/ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا عِظَامَ الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُثَنَّى الْمَعْرُوفِ بابن الحداد (أ) من قبره وَأَحْرَقُوهَا وَأَخْرَبُوا الْمَقْبَرَةَ الَّتِي كَانَت فِيهَا، وَفَعَلُوا أَشْيَاءَ يَقْبُحُ ذِكْرُهَا، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ عَدِيٍّ زَمَنَ حَيَاةِ أَبِي أَحْمَدَ شَحْنَاءُ عَظيَمَةٌ، تَعَدَّوْا عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى أَدَّى بِهِمُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ نَزَلُوا عَلَيْهِ فِي وَلَايَةِ أَبِي مَنْصُورٍ قَايِمَازَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَجَرَحُوهُ جِرَاحًا كَثِيرَةً، فَأَخَذَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً وَاعْتَقَلَهَمْ وَأَدَّبَهُمْ. وَأَخَذَ الْعُلَمَاءُ فِي أَقَاوِيلِهِمْ وَمُعْتَقَدَاتِهِمْ فَتَاوَى كَتَبُوهَا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، فَأَفْتَى فِي ذَلِكَ بِمَا يَرِدُ فِي هذا الموضع (ب) ، فَاسْتَدْعَاهُمْ أَبُو الْفَضَائِلِ لُؤْلُؤُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأتابكي (٢) إلى الموصل، فجاؤا فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ وَخَيْلٍ كَثِيرَةٍ، فأَخَذَهَا مِنْهُمْ، وَقَالَ لَهُمُ: اعْبُدُوا اللَّهَ فِي تَلِّ التَّوْبَةِ (٣) وَلَا تَقْرَبُوا زَاوِيَةَ الشَّيْخِ عَدِيٍّ، وَسَلَّمَهَا وَمَا معها الى أحمد ابن أَبِي الْبَرَكَاتِ (٤) ، فَهُوَ مُقِيمٌ بِهَا.
وَوَرَدَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِلَى إِرْبِلَ فِي الْعَشْرِ الْوُسْطَى مِنْ رَمَضَانَ، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا فِي الْقُبَّةِ الَّتِي بَنَاهَا أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُبَارَكِ (٥) حِيَالِيَّ الْمَسْجِدَ الْعَتِيقِ، وَأَنْفَذَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُورِيُّ بْنُ عَلِيٍّ نَفَقَةً وَأَمَرَهُ أَلَّا يُقِيمَ، فَسَافَرَ لَيْلَةَ السَّبْتِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سنة سبع وعشرين وستمائة. وَهُوَ شَابٌّ جَمِيلُ الصُّورَةِ، فِي حَلْقِهِ سِلْعَةٌ (ت) ، كيّس الاخلاق حميد العشرة، أنشدني لنفسه: [المتقارب]
وَسَاقٍ يُشِيرُ بِأَلْحَاظِهِ ... فيُسْكِرُنَا وَهْوَ لَمْ يَثْمُلِ
بفيه المدام ولكنّها ... تصان وتحجب (ث) بالذبل (ج)
/ وَكَيْفَ اصْطِبَارِي يَا لُوَّمِي ... عَنِ الشُّرْبِ أَمْ كيف يا عذّلي؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute