زيادة في التحري وحرصا على اخراجه باقصى ما يمكن من الضبط والدقة.
اما خطتي في التحقيق فتقوم على محاولة اثبات النص الصحيح واعادة كتابته وفقا لقواعد الاملاء المعروفة في الوقت الحاضر، وتلافي ما فيه من نقص في التنقيط، والاشارة الى الحروف والكلمات التي سقطت سهوا من الناسخ، وتصحيح اسماء الأعلام الواردة فيه وفقا لما جاء في الكتب المعتمدة. وحيث ان المخطوطة وحيدة- كما اسلفنا- فان عملية تثبيت النص كانت صعبة جدا، اذ اقتضت مني جهودا كبيرة لقراءتها حرفا حرفا للتحقق من انسجام السياق وللتأكد من صحة العبارات من الوجهة اللغوية.
وحيث ان المخطوطة حافلة بالشعر، ففيها حوالي ٢٥٠٠ بيت، الامر الذي استوجب علاوة على ما تقدم، التحقق من انضباط الوزن وفقا لبحور الشعر المعروفة.
اما بالنسبة لتدقيق المعلومات الواردة في الكتاب، بل وتحقيق بعض النصوص ايضا، فانني راجعت كل كتاب تيسر لي العثور عليه، وظننت ان فيه بعض بغيتي، حتى زادت مراجعي على الخمسمائة. ولقد راجعت كثيرا من الكتب التي لم ادرجها في ثبت المراجع بسبب عدم عثوري فيها على شيء يمكنني الاستفادة منه في التحقيق. والحقيقة ان الجهد الذي اضعته في هذا المجال كان اضعاف الجهد المبذول في الكتابة (اعني كتابة الاطروحة) ، اذ كثيرا ما اضطررت لمراجعة عشرات المراجع التي قد تبلغ الثلاثين عدا في كل مرة لتحقيق كلمة واحدة، ثم عدت خائبا بخفي حنين. وهذا الجهد- بطبيعة الحال- لا يظهر له اثر في ثنايا البحث لان ثمراته كانت سلبية، ولا يعرفه حق المعرفة الا من كابده.
ولقد آليت على نفسي ان لا اترك شيئا يمر دون تحقيق، سواء كان ذلك