فَقَالَ لي: يَا هَذَا، مَا الَّذِي يتهيأ لي أَن أعمل، وَهل يمكنني دفع شَيْء يَأْمُرنِي بِهِ؟ فَقلت: لَا، وَإِنِّي أُرِيد أَن أحقن دمي، بِأَن تُؤدِّي عني مَا تسمعه مني، وَإِنَّمَا تقتلني، إِذا أَجَبْته بِجَوَاب، فأديت عني غَيره، تَقْديرا مِنْك، أَنه أصلح وأدعى إِلَى سلامتي، فَلَا يتلَقَّى قَوْلك بِالْقبُولِ، فأد قولي كَمَا أَقُول.
فَقَالَ أَحْمد بن أبي خَالِد: عَليّ عهد الله، أَن أؤدي مَا تَقول.
قَالَ: فَقلت: تَقول لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن كنت تعقل، فَأَنت تعلم أَنِّي أَعقل، فَمَا أَشك أَنه سيستعيد مِنْك هَذَا القَوْل، فأعده.
وَتقول لَهُ: يَقُول لَك: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، استترت مِنْك، وَأَنت خَارج عَن الْبَلَد، وَأَنا نَافِذ الْأَمر فِيهِ، وَمَعِي عَالم من النَّاس، وأثب بك فِي مدينتك، ومدينة آبَائِك، وَأَنا أَسِير فِي سرب ابْن أبي خَالِد، مَعَ نفر محبسين، مثقلين بالحديد؟ هَذَا مَا لَا يقبله عَاقل.
فَأدى أَحْمد رسَالَته إِلَى الْمَأْمُون، فَقَالَ: صدق، فاردده إِلَى مَوْضِعه.
فركض أَحْمد إِلَيّ، وَهُوَ يُنَادي: سَلامَة سَلامَة، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وَانْصَرف إِلَى منزله.
قَالَ ابْن عَبدُوس: فَأَقَامَ فِيهِ، إِلَى أَن انْصَرف الْمَأْمُون؛ لنكاح بوران، فأشخصه مَعَه إِلَى فَم الصُّلْح، وَسَأَلته بوران بنت الْحسن بن سهل، فَرضِي عَنهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute