للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقلت: قد أقَال الله عثرتك.

قَالَ: وَمَا مَضَت لي فِي دَاره خَمْسُونَ لَيْلَة، حَتَّى سَار إِلَيّ فِي نصف اللَّيْل، فَأَخْرجنِي، وَألقى عَليّ درعا، وَظَاهر بدراعة، وحملني على دَابَّة، وَهُوَ يرْكض إِلَى الْجَانِب الغربي، فوقفني بَين الجسر والخلد.

فَوَقع فِي نَفسِي أَن إلقاءه عَليّ الدرْع، إِنَّمَا هُوَ لإيراده إيَّايَ على سَكرَان، فَأَرَادَ أَن يقيني بادرته، وَعلمت أَنه أَرَادَ أَنه إِذا ورد عَليّ أَمر، أَن أتماوت.

فخلفني مَعَ أَصْحَابه، وَمضى يرْكض، ثمَّ عَاد إِلَيّ.

ثمَّ قَالَ: يَقُول لَك أَمِير الْمُؤمنِينَ: يَا فَاسق، ألم يكن لَك فِي السَّابِق الْقَدِيم من فعلك كِفَايَة تحولك عَمَّا كَانَ مِنْك فِي هَذِه اللَّيْلَة، الَّتِي وثب فِيهَا عَليّ ابْن عَائِشَة وَابْن الأفريقي، وَمن يتابعهما، وأضرابهم، حَتَّى اضطروني إِلَى أَن ركبت إِلَى المطبق لمحاربتهم، حَتَّى أَظْفرنِي الله، جلّ وَعز، بهم، فقتلتهم، وَأَنا ملحقك بهم، فاحتجّ لنَفسك، إِن كَانَت لَك حجَّة، وَإِلَّا فَإنَّك لَاحق بهم.

فَعلمت أَن الرسَالَة مِمَّن غلب عَلَيْهِ النَّبِيذ، وَأَنِّي أحتاج إِلَى إغضابه، حَتَّى يغلب غَضَبه السكر.

فَقلت: يَا أَبَا الْعَبَّاس، دمي فِي عُنُقك، فَاتق الله.

وَلَا تقتلني.

<<  <  ج: ص:  >  >>