للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: مَا ترَوْنَ فِي أمره؟ فَقَالَ بَعضهم: يضْرب عُنُقه.

وَقَالَ الْبَعْض: تقطع أَطْرَافه، وَيتْرك إِلَى أَن يَمُوت، وكل أَشَارَ بقتْله، وَإِن اخْتلفُوا فِي القتلة.

فَقَالَ الْمَأْمُون لِأَحْمَد بن أبي خَالِد: مَا تَقول أَنْت، يَا أَحْمد؟ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن قَتله؛ وجدت مثلك قد قتل مثله، وَإِن عَفَوْت عَنهُ؛ لم تَجِد مثلك قد عَفا عَن مثله، فَأَي أحب إِلَيْك؛ أَن تفعل فعلا تَجِد لَك فِيهِ شَرِيكا، أَو أَن تنفرد بِالْفَضْلِ؟ فَأَطْرَقَ الْمَأْمُون طَويلا، ثمَّ رفع رَأسه، فَقَالَ: أعد عَليّ مَا قلت، يَا أَحْمد، فَأَعَادَ.

فَقَالَ الْمَأْمُون: بل ننفرد بِالْفَضْلِ، وَلَا رَأْي لنا فِي الشّركَة.

فكشف إِبْرَاهِيم المقنعة عَن رَأسه، وَكبر تَكْبِيرَة عالية، وَقَالَ: عَفا، وَالله، أَمِير الْمُؤمنِينَ عني، بِصَوْت كَاد الإيوان أَن يتزعزع مِنْهُ، وَكَانَ طَويلا، آدم، جعد الشّعْر، جَهورِي الصَّوْت.

فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون: لَا بَأْس عَلَيْك، يَا عَم، وَأمر بحبسه فِي دَار أَحْمد بن أبي خَالِد.

فَلَمَّا كَانَ بعد شهر؛ أحضرهُ الْمَأْمُون، وَقَالَ لَهُ: اعتذر عَن ذَنْبك.

فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، ذَنبي أجل من أَن أتفوه مَعَه بِعُذْر، وعفو أَمِير الْمُؤمنِينَ أعظم من أَن أنطق مَعَه بشكر، وَلَكِنِّي أَقُول:

<<  <  ج: ص:  >  >>