تفديك نَفسِي أَن تضيق بِصَالح ... وَالْعَفو مِنْك بِفضل جود وَاسع
إِن الَّذِي خلق المكارم حازها ... فِي صلب آدم للْإِمَام السَّابِع
ملئت قُلُوب النَّاس مِنْك مهابة ... وتظل تكلؤهم بقلب خاشع
فعفوت عَمَّن لم يكن عَن مثله ... عَفْو وَلم يشفع إِلَيْك بشافع
ورحمت أطفالا كأفراخ القطا ... وحنين وَالِدَة بقلب جازع
رد الْحَيَاة إِلَيّ بعد ذهابها ... كرم المليك الْعَادِل المتواضع
فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون: لَا تَثْرِيب عَلَيْك، يَا عَم، قد عَفَوْت عَنْك، فاستأنف الطَّاعَة متحرزا من الظنة، يصف عيشك، وَأمر بِإِطْلَاقِهِ، ورد عَلَيْهِ مَاله وضياعه، فَقَالَ إِبْرَاهِيم يشكره فِي ذَلِك:
رددتَ مَالِي وَلم تبخل عَليّ بِهِ ... وَقبل ردك مَالِي قد حقنت دمي
فأبتُ عَنْك وَقد خولتني نعما ... هما الحياتان من موت وَمن عدم
فَلَو بذلتُ دمي أبغي رضاك بِهِ ... وَالْمَال حَتَّى أسل النَّعْل من قدمي
مَا كَانَ ذَاك سوى عاريّة رجعت ... إِلَيْك لَو لم تعرها كنت لم تُلَمِ
وَقَامَ علمك بِي فاحتج عنْدك لي ... مقَام شَاهد عدل غير مُتَّهم
فَإِن جحدتك مَا أوليت من نعم ... إِنِّي لباللؤم أولى مِنْك بِالْكَرمِ
فَقَالَ الْمَأْمُون: إِن من الْكَلَام كلَاما كالدر، وَهَذَا مِنْهُ، وَأمر لإِبْرَاهِيم بخلع وَمَال، قيل: إِنَّه ألف ألف دِرْهَم.
وَقَالَ لَهُ: يَا إِبْرَاهِيم، إِن أَبَا إِسْحَاق وَأَبا عِيسَى أشارا عَليّ بقتلك.