للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ الرشيد: أيتوهم رَافع أَنه يفلت مني، وَالله، لَو كَانَ مَعَه عدد نُجُوم السَّمَاء؛ لالتقطتهم وَاحِدًا بعد وَاحِد، حَتَّى أقتلهم عَن آخِرهم.

فَقَالَ الرجل: اللهَ، اللهَ، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فيّ، فَإِن الله، تَعَالَى، يعلم، وَأهل خُرَاسَان، أَنِّي بَرِيء من أخي مُنْذُ عشْرين سنة، ملازم منزلي ومسجدي، فَاتق الله فيّ، وَفِي هَذَا الرجل.

فَقَالَ لَهُ قرَابَته: قطع الله لسَانك، أَنا، وَالله، مُنْذُ كَذَا وَكَذَا أَدْعُو الله بِالشَّهَادَةِ، فَلَمَّا رزقتها على يَدي شَرّ خلقه؛ أخذتَ فِي الِاعْتِذَار.

قَالَ: فاغتاظ الرشيد، وَقَالَ: عَليّ بجزارين.

فَقَالَ لَهُ قرَابَة رَافع: افْعَل مَا شِئْت، فَإنَّا نرجو من الله، تَعَالَى، أَن يرزقنا الشَّهَادَة، ونقف نَحن وَأَنت، بَين يَدي الله، عز وَجل، فِي أقرب مُدَّة، فتعلم كَيفَ يكون حالك.

فنحيا، وَأمر بهما، فقطعا عضوا، عضوا، فوَاللَّه، مَا فرغ مِنْهُمَا، حَتَّى توفّي الرشيد.

قَالَ بكر: وَأَنا أتوقع الْقَتْل بعدهمَا، حَتَّى أَتَانِي غُلَام لأبي الْعَتَاهِيَة، قد بعث بِهِ مَوْلَاهُ، وَكتب فِي رَاحَته شَيْئا أرانيه، فَإِذا هَذِه الأبيات:

هِيَ الْأَيَّام والغير ... وَأمر الله منتظر

أتيئس أَن ترى فرجا ... فَأَيْنَ الله وَالْقدر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>