للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَاهُ، ورق عَلَيْهِ، فَأَخذه مَعَه.

وَكَانَ للْأَخ الْغَنِيّ حمَار فاره يركبه، وَقد اسْتَأْجر بغالا لأحماله، فأركب أَخَاهُ أَحدهَا، وَركب هُوَ أَحدهَا، وأركب المكاري الْحمار، وَسَارُوا.

فَلَمَّا اسْتمرّ بهم السّفر؛ حصلوا فِي جبل فِي الطَّرِيق، وَفِيه كَهْف فِيهِ عين مَاء، فَقَالَ الْأَخ الْفَقِير للْأَخ الْغَنِيّ: لَو نزلنَا هَهُنَا، وَأَرِحْنَا دوابنا، وسقيناها من هَذَا المَاء، وأكلنا، ثمَّ ركبنَا؛ لَكَانَ أروح لنا.

فَقَالَ: افْعَل.

فَنزل التَّاجِر على بَاب الْكَهْف الَّذِي فِي الْجَبَل، وَأدْخل مَتَاعه إِلَيْهِ، وَبسط السفرة، وَأخذ أَخُوهُ الْفَقِير، والمكاري الدَّوَابّ، ومضيا ليسقياها.

وانتظر التَّاجِر أَخَاهُ، فاحتبس طَويلا، ثمَّ جَاءَ وَحده، وَشد الدَّوَابّ.

فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: يَا أخي، مَا قعادك، وَأَنا أنتظرك تَأْكُل معي؟ فَقَالَ: حَتَّى سقيت الدَّوَابّ.

فَقَالَ: وَأَيْنَ المكاري؟ فَقَالَ: قد نَام فِي الْجَبَل.

فَقَالَ: تعال، حَتَّى نَأْكُل.

فَتَركه وَمضى، ثمَّ عَاد، وَبِيَدِهِ حِجَارَة يَرْمِي بهَا أَخُوهُ، وَيَقُول لَهُ: أستكتف، يَابْنَ الفاعلة.

فَقَالَ لَهُ: وَيحك، مَا تُرِيدُ؟ فَقَالَ: أُرِيد قَتلك، يَابْنَ الفاعلة، أخذت مَال أبي، فَجَعَلته تِجَارَة لَك، وجعلتني غلامك.

قَالَ: ورفسه، وألقاه على ظَهره، ثمَّ أوثقه كتافا، وأثخنه ضربا بِالْحِجَارَةِ وشجاجا، وَصَاح الرجل، فَلم يجبهُ أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>