وبرك أَخُوهُ الْفَقِير على صَدره، وَكَانَ فِي وَسطه سكين عَظِيمَة، فِي قرَاب لَهَا، فرام استخراجها من القراب ليذبحه بهَا، فتعسرت عَلَيْهِ، فَقَامَ عَن صدر أَخِيه، وأعلا يَده الْيُسْرَى، وفيهَا السكين فِي قرابها، وجذبها بِيَدِهِ الْيَمين، وَقد صَار القراب مَعَ حلقه، فَخرجت السكين بحمية الجذبة، فذبحته، فَوَقع يخور فِي دَمه، ونزف إِلَى أَن مَاتَ، وجفت يَده على السكين بعد مَوته، وَهِي فِيهَا.
وَحصل على تِلْكَ الصُّورَة، وَأَخُوهُ الْغَنِيّ مشدود، لَا يقدر على الْحَرَكَة، والسفرة منشورة، وَالطَّعَام عَلَيْهَا، وَالدَّوَاب مشدودة.
فَأَقَامَ على تِلْكَ الصُّورَة بَقِيَّة يَوْمه، وَلَيْلَته، وَقطعَة من غده.
فاجتازت قافلة على المحجة، وَكَانَ بَينهَا وَبَين الْكَهْف بعد، فأحست البغال بالدواب المجتازة، فصهلت، ونهق الْحمار، وجذب الرسن، وجذبت البغال أرسانها، فأفلتت، وَغَارَتْ تطلب الدَّوَابّ.
فَلَمَّا رأى أهل الْقَافِلَة دوابا غائرة؛ ظنُّوا أَنَّهَا لقوم قد أسرهم اللُّصُوص، وَكَانُوا فِي مَنْعَة، فتسارعوا إِلَى البغال.
فَلَمَّا قصدوها؛ رجعت تطلب موضعهَا.
وتبعها قوم من أهل الْقَافِلَة، حَتَّى انْتَهوا إِلَى التَّاجِر، وشاهدوه مكتوفا، والسفرة منشورة، وَالْأَخ مذبوحا، وَبِيَدِهِ السكين، فشاهدوا عجبا.
واستنطقوا الرجل، فَأَوْمأ إِلَيْهِم أَن لَا قدرَة لَهُ على الْكَلَام، فحلوا كِتَافِهِ، وسقوه مَاء، وَأَقَامُوا عَلَيْهِ إِلَى أَن أَفَاق، وَقدر على الْكَلَام، فَأخْبرهُم الْخَبَر.
فطلبوا المكاري، فوجدوه غريقا فِي المَاء، قد غرقه الْأَخ الْفَقِير.
فحملوا أثقال التَّاجِر على بغاله، وأركبوه على حِمَاره، وسيروه مَعَهم إِلَى الْمنزل الآخر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute