وحصّلْتُ الْحلقَة فِي رزة هُنَاكَ، وحللت الدَّابَّة، وركبتها.
فجَاء الْأَعرَابِي، إِلَى بَاب الناووس، فَرَأى الْمَوْت عيَانًا، فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِم، اتَّقِ الله فِي أَمْرِي، فإنني أتلف.
فَقلت: تتْلف أَنْت أَهْون عَليّ من أَن أتلف أَنا.
قَالَ: فَأَخْرجنِي، وَأَنا أُعْطِيك أَمَانًا، واستوثق مني بالأيمان، أَن لَا أعرض لَك بِسوء أبدا، وَاذْكُر الْحُرْمَة الَّتِي بَيْننَا.
فَقلت: لم ترعها أَنْت، وأيمانك فاجرة، لَا أَثِق بهَا فِي تلف نَفسِي.
فَأخذ يُكَرر الْكَلَام، فَقلت لَهُ: لَا تهذ، دع عَنْك هَذَا الْكَلَام، واقعد مَكَانك، هوذا، أَنا رَاكب دابتك، وأجنب حماري، والوعد بعد أَيَّام بَيْننَا هُنَا، فَلَا تَبْرَح عَليّ حَتَّى أجيء، وَإِذا احتجت إِلَى طَعَام، فَعَلَيْك بجيف العلوج، فَنعم الطَّعَام لَك.
وَأخذت ألهو بِهِ فِي مثل هَذَا القَوْل، وَأخذ يبكي ويستغيث، وَيَقُول: قتلتني، وَالله.
فَقلت: إِلَى لعنة الله، وَركبت دَابَّته، وجنبت حماري.
وَوجدت على دَابَّته خرجا فِيهِ ثِيَاب يسيرَة، وَجئْت إِلَى نَصِيبين، فَبِعْت الثِّيَاب، وَكَانَت دَابَّته شهباء، فصبغتها دهماء وبعتها؛ لِئَلَّا يعرف صَاحبهَا فأطالب بِالرجلِ، وَاتفقَ أَنه اشْتَرَاهَا رجل من المجتازين، وكفيت أمره، وانكتمت الْقِصَّة.
فَلَمَّا كَانَ بعد أَكثر من سنة؛ عرض لي الْخُرُوج إِلَى رَأس عين، فَخرجت فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute