للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسَّيْفِ؛ ليضربني، فتوقيت الضَّرْبَة بيميني، فأبان كفي.

فَقلت لَهَا: أظهري أَن قد خرج فِي كفك خراج، وتعاللي، فَإِن الَّذِي بك من الصفار، يصدق قَوْلك.

فَإِذا مَضَت أَيَّام؛ قلت لأَبِيك: إِذا لم تقطع يدك، خبث جَمِيع جسدك، وَتَلفت، فَيَأْذَن فِي قطعهَا، فنظهر أَنا قد قَطعْنَاهَا، ويشيع الْخَبَر، حِينَئِذٍ، بِهَذَا، ويستتر أَمرك.

فعملنا على هَذَا، بعد أَن استتبتها، فتابت، وَحلفت بِاللَّه الْعَظِيم، لَا عَادَتْ تفعل شَيْئا من ذَلِك.

وَكنت قد حظر لي أَن أبيع هَذِه الْجَارِيَة إِلَى سفار، يغربها عَن هَذِه الْبَلَد الَّتِي نَحن فِيهَا، وأراعي مبيت الصبية، وأبيتها إِلَى جَانِبي، ففضحتنا ونفسك.

فَقَالَ القَاضِي للصبية: مَا تَقُولِينَ؟ فَقَالَت: صدقت أُمِّي، وَوَاللَّه، لَا عدت أبدا، وَأَنا تائبة إِلَى الله، تَعَالَى.

فَقَالَ لَهَا أَبوهَا: هَذَا صَاحبك الَّذِي قطع يدك، فَكَادَتْ تتْلف جزعا.

ثمَّ قَالَ لي: يَا فَتى، من أَيْن أَنْت؟ قلت: من الْعرَاق.

قَالَ: فَفِيمَ وَردت؟ قلت: أطلب الرزق.

قَالَ: قد جَاءَك حَلَالا طيبا، نَحن قوم مياسير، وَللَّه علينا نعْمَة وَستر، فَلَا تنقص النِّعْمَة، وَلَا تهتك السّتْر، أَنا أزَوجك بِابْنَتي هَذِه، وأغنيك بِمَالي عَن النَّاس، وَتَكون مَعنا فِي دَارنَا.

فَقلت: نعم.

فَرفع الطَّعَام، ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد، وَالنَّاس مجتمعون ينتظرونه، فَخَطب،

<<  <  ج: ص:  >  >>