عَلَيْهَا نزلت، فَإِذا أَنا فِي الصَّحرَاء، وَإِذا البارية قد كَانَت مطروحة على غير تسقيف.
وَكَانَ الثَّلج يسْقط فِي تِلْكَ اللَّيْلَة سقوطا عَظِيما، فَصحت، وقدرت أَن الَّذِي اسْتمرّ عَليّ من غير علمه، فَمَا كلمني.
فَقُمْت وَقد تجرح بدني، إِلَّا أَنِّي سَالم، فَجئْت، واستظللت بطاق بَاب الدَّيْر من الثَّلج.
فَمَا وقفت حينا حَتَّى رَأَيْت فِيهِ برابخ من فَوق رَأْسِي، وَقد جَاءَتْنِي مِنْهَا حِجَارَة، لَو تمكنت من دماغي لطحنته.
فَخرجت أعدو، وَصحت بِهِ، فشتمني، فَعلمت أَن ذَلِك من حيلته؛ طَمَعا فِي رحلي.
فَلَمَّا خرجت؛ وَقع الثَّلج عَليّ، فَعلمت أَنِّي تَالِف إِن دَامَ ذَلِك عَليّ، فولد لي الْفِكر أَن طلبت حجرا فِيهِ ثَلَاثُونَ رطلا وَأكْثر، فَوَضَعته على عَاتِقي تَارَة، وعَلى قفاي تَارَة، وَأَقْبَلت أعدو فِي الصَّحرَاء أشواطا، حَتَّى إِذا تعبت، وحميت وَجرى عرقي؛ طرحت الْحجر، وَجَلَست أستريح خلف الدَّيْر، من حَيْثُ يَقع لي أَن الراهب لَا يراني.
فَإِذا أحسست بِأَن الْبرد قد بَدَأَ يأخذني؛ تناولت الْحجر، وسعيت من الدَّيْر، وَلم أزل على هَذَا إِلَى الْغَدَاة.
فَلَمَّا كَانَ قبيل طُلُوع الشَّمْس، وَأَنا خلف الدَّيْر؛ إِذْ سَمِعت حَرَكَة بَابه، فتخفيت.
فَإِذا بِالرَّاهِبِ قد خرج، وَجَاء إِلَى مَوضِع سقوطي، فَلَمَّا لم يرني دَار حول الدَّيْر يطلبني، وَيَقُول، وَأَنا أسمعهُ: ترى، مَا فعل الميشوم؟ أَظن أَنه قدر أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute